الحيوان لحماً، ويصير لبناً. وهذا قول أكثر الفقهاء. منهم أبو حنيفة والشافعي، وكان سعد بن أبي وقاص يدمل أرضه بالعرة ويقول: مكتل عرة مكتل بر، والعرة: عذرة الناس، ولنا ما روي عن ابن عباس: كنا نكري أراضي رسول الله ﷺ ونشترط عليهم ألا يدملوها بعذرة الناس، ولأنها تتغذى بالنجاسات، وتترقى فيها أجزاؤها والاستحالة لا تطهر، فعلى هذا تطهر إذا سقيت الطاهرات. كالجلالة إذا حبست وأطعمت الطاهرات. أ هـ من المغني بلفظه.
قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا﴾ الآية، ذكر في هذه الآية الكريمة أنهم سيقولون: لو شاء الله ما أشركنا، وذكر في غير في هذا الموضع أنهم قالوا ذلك بالفعل، كقوله في النحل: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ﴾ الآية [/٣٥]، وقوله في الزخرف: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ﴾ الآية [/٢٠].
ومرادهم أن الله لما كان قادراً على منعهم من الإشراك، ولم يمنعهم منه أن ذلك دليل على رضاه بشركهم، ولذلك كذبهم هنا بقوله: ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾ [٦/١٤٨]، وكذبهم في الزخرف بقوله: ﴿مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ [/٢٠]، وقال في الزمر: ﴿وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾ الآية [/٧].
قوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً﴾ الآية، الظاهر في قوله: ما حرم ربكم عليكم، أنه مضمن معنى ما وصاكم به فعلا، أو تركا. لأن كلا من ترك الواجب، وفعل الحرام حرام، فالمعنى وصاكم: ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا﴾، وأن تحسنوا بالوالدين إحسانا.
وقد بين تعالى أن هذا هو المراد بقوله: ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ﴾ الآية [٦/١٥١].
قوله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ﴾ الآية، نهى الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن قتل الأولاد من أجل الفقر الواقع بالفعل. ونهى في سورة الإسراء عن قتلهم خشية الفقر المترقب المخوف منه، مع أنه غير واقع في الحال بقوله: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ﴾ [١٧/٣١]، وقد أوضح ﷺ معناه حين سأله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أي الذنب أعظم؟ فقال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك"، قال: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك"، قال: ثم أي؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك"، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ


الصفحة التالية
Icon