﴿قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ١٢٤]، أي الظالمين من ذرية إبراهيم.
وقوله تعالى في الصافات: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ [الصافات: ١١٣].
فالمحسن منهم هو الذي الكلمة باقية فيه، والظالم لنفسه المبين منهم ليس كذلك.
وقوله تعالى في النساء: ﴿فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إبراهيم الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً، فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً﴾ [النساء: ٥٤-٥٥].
وقد بين تعالى في الحديد أن غير المهتدين منهم كثيرون وذلك في قوله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإبراهيم وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد: ٢٦].
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أي جعل الكلمة باقية فيهم لعل الزائغين الضالين منهم يرجعون إلى الحق بإرشاد المؤمنين لمهتدين منهم، لأن الحق ما دام قائما في جملتهم فرجوع الزائغين عنه إليه مرجو مامول كما دل عليه قوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
والرجاء المذكور بالنسبة إلى بني آدم، لأنهم لا يعرفون من يصير إلى الهدى، ومن يصير إلى الضلال.
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة، وفي الكلام تقديم وتأخير.
والمعنى ﴿ فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾، ﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾، أي قال لهم، يتوبون عن عبادة غير الله، اهـ منه.
وإيضاح كلامه، أن المعنى أن إبراهيم، قال لأبيه وقومه: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ لأجل أن يرجعوا عن الكفر إلى الحق.
والضمير في قوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ على هذا راجع إلى أبيه وقومه.