إعادة هذه الآية تأكيد على معنى الآية الأولى
وقوله ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ يفسره ما تقدم من قوله ﴿إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي﴾ [٦٠/١]، لأنها تساويها في الماصدق وهنا جاء بهذا اللفظ ليدل على العموم وتكون قضية عامة فيما بعد لكل من يرجو الله واليوم الآخر أن يتأسى بإبراهيم عليه السلام والذين معه في موقفهم المتقدم
وقوله تعالى ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ التولي هنا الإعراض عن أوامر الله عموما.
وهنا يحتمل تولي الكفار وموالاتهم فإن الله غني عنه حميد.
قال ابن عباس كمل في غناه ومثله قوله تعالى ﴿فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ﴾ [٦٤/٦].
وقد جاء بيان استغناء الله عن طاعة الطائعين عموما وخصوصا فجاء في خصوص الحج ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [٣/٩٧].
وجاء في العموم قوله تعالى ﴿إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [١٤/٨]، لأن أعمال العباد لأنفسهم كما قال تعالى ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّما يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [٢٩/٦].
وكما في الحديث القدسي "لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا"
وقد بين تعالى غناه المطلق بقوله ﴿لِلَّهِ ما فِي السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [٣١/٢٦].
قوله تعالى ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الممتحنة: ٧]. لم يبين هنا هل جعل المودة بالفعل بينهم وبين من عادوهم وأمروا بمقاطعتهم وعدم موالاتهم من ذوي أرحامهم أم لا ولكن عسى من الله للتأكيد والتذييل بقوله تعالى: