إبراهيم : ٢٢) فقوله :﴿إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ﴾ (الحجر : ٤٢) يدل على أن ذلك الاتباع لهم من قبل أنفسهم لا من قبل إلجاء الشيطان إلى ذلك، ثم قال تبرأنا إليك منهم ومن عقائدهم وأعمالهم ما كانوا إيانا يعبدون إنما كانوا يعبدون أهواءهم، والحاصل أنهم يتبرءون منهم كما قال تعالى :﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ﴾ (البقرة : ١٦٦) وأيضاً فلا يمتنع في قوله تعالى :﴿أَيْنَ شُرَكَآءِىَ﴾ (النحل : ٢٧) أن يريد به هؤلاء الرؤساء والشياطين فإنهم لما أطاعوهم فقد صيروهم لمكان الطاعة بمنزله الشريك لله تعالى، وإذا حمل الكلام على هذا الوجه كان جوابهم أن يقولوا إلهنا هؤلاء ما عبدونا إنما عبدوا أهواءهم الفاسدة / وثانيها : قوله تعالى :﴿وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَآءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ﴾ والأقرب أن هذا على سبيل التقرير لأنهم يعلمون أنه لا فائدة في دعائهم لهم، فالمراد أنهم لو دعوهم لم يوجد منهم إجابة في النصرة وأن العذاب ثابت فيهم، وكل ذلك على وجه التوبيخ، وفي ذكره ردع وزجر في دار الدنيا، فأما قوله تعالى :﴿لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾ فكثير من المفسرين زعموا أن جواب لو محذوف وذكروا فيه وجوهاً أحدها : قال الضحاك ومقاتل يعني المتبوع والتابع يرون العذاب ولو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا ما أبصروه في الآخرة وثانيها : لو أنهم كانوا مهتدين في الدنيا لعلموا أن العذاب حق وثالثها : ودوا حين رأوا العذاب لو كانوا في الدنيا يهتدون ورابعها : لو كانوا يهتدون لوجه من وجوه الحيل لدفعوا به العذاب وخامسها : قد آن لهم أن يهتدوا لو أنهم كانوا يهتدون إذا رأوا العذاب ويؤكد ذلك قوله تعالى :﴿لا يُؤْمِنُونَ بِه حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الالِيمَ﴾ (الشعراء : ٢٠١) وعندي أن الجواب غير محذوف وفي تقريره وجوه أحدها : أن الله تعالى إذا خاطبهم بقوله :﴿ادْعُوا ﴾ فههنا يشتد الخوف عليهم ويلحقهم شيء كالسدر والدوار ويصيرون بحيث لا يبصرون شيئاً فقال تعالى :﴿لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَا لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾ شيئاً أما لما صاروا من شدة الخوف بحيث لا يبصرون شيئاً لا جرم ما رأوا العذاب وثانيها : أنه تعالى لما ذكر عن الشركاء وهي الأصنام أنهم لا يجيبون الذين دعوهم قال في حقهم
جزء : ٢٥ رقم الصفحة : ١٢