و ما أدري وسوف إخال أدري أقوم آل حصن أم نساء
فانظر كيف خطر بباله أن ينفي الدراية بحال الآل، ثم قبل أن يكمل ذلك خطر بباله الجزم بأنه سوف يدري، ثم قبل أن يكمل ذلك قال إن حصول الدراية في المستقبل على سبيل التخيل والظن فحكى حال النفس عند ترددها في شأنه.
و يطربني قول أبي العباس النامي :
أ حقا أن قاتلتي زرود وأن عهودها تلك العهود
وقفت وقد فقدت الصبر حتى تبين موقفي أني الفقيد
و شكك فيّ عذالي فقالوا لرسم الدار أيكما العميد؟
و صيحة ابن الرومي صيحة الوهل حين يرى الوجنة الحمراء الى جانب الصدع الأدعج :
يا وجنتيه اللتين من بهج فيّ صدغييه اللذين من دعج
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٤٨٧
ما حمرة فيكما؟ أمن خجل أم صبغة اللّه أم دم المهج
و قد أطرفت ليلى بنت طريف الخارجية في رثاء أخيها :
أيا شجر الخابور مالك مورقا كأنك لم تجزع على ابن طريف
و أراد مهيار أن يشبه المحبوبة بالظبي وبالبدر وبغصن البان فتجاوز المألوف المعتاد وسما الى سماء ما طاولتها سماء إذ قال :
سلا ظبية الوادي وما الظبي مثلها وإن كان مصقول الترائب أكحلا
أ أنت أمرت البدر أن يصدع الدجى وعلمت غصن البان أن يتميّلا
و نختم هذا الباب المستطاب بقول البهاء زهير :
رعى الله ليلة وصل خلت وما خالط الصفو فيها الكدر
أتت بغتة ومضت سرعة وما قصرت بعد ذاك القصر
بغير احتيال ولا كلفة ولا موعد بيننا ينتظر
فقلت وقد كاد عقلي يطير سرورا بنيل المنى والوطر
أيا قلب تعرف من قد أتاك ويا عين تدرين من قد حضر
و يا قمر الأفق عد راجعا فقد حل في الدار عندي القمر
و يا ليلتي هكذا هكذا وباللّه قف يا سحر
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٤٨٨
فكانت كما أشتهي ليلة وطاب الحديث وطاب ا
لسهر خلونا وما بيننا ثالث فأصبح عند النسيم الخبر
و يقول الشريف الرضي وهو غاية الغايات :
بين الاظاعن حاجة خلفتها أودعتها يوم الفراق مودعي