و أظنها لا بل يقيني انها قلبي لأني لم أجد قلبي معي
٢- الحذف :
و في قوله « فذلكن الذي لمتنني فيه » والتقدير في حبه لأن الذوات لا يتعلق بها لوم ودليل تقدير في حبه قوله « قد شغفها حبا » في مراودته، ولعلها أولى بدليل قوله :« تراود فتاها عن نفسه » وإنما قلنا أولى لأنه فعلها بخلاف الحب فإنه أمر قهري لا يلام عليه إلا من حيث تعاطي أسبابه أما المراودة فهي حاصلة باكتسابها فهي قادرة على دفعها فيتأتى اللوم عليها بخلاف الحب فانه ليس فعلا لها ولا تقدر على دفعه لأن الحب المفرط قد يقهر صاحبه ولا يطيق أن يدفعه وحينئذ فلا يلام عليه وعلى كل حال فهو من أسبابه.
٣- وفي قوله « متكأ » تصوير لنوع من الطعام الذي انما يقدم تفكها وتبسطا وتجميلا للمجلس وتوفيرا لأسباب المتعة فيه حتى إن الشأن فيه أن يكون الإقبال عليه في حالة من الراحة والاتكاء، والكلمة بعد هذا من الألفاظ الكثيرة التي أبدع القرآن صياغتها فتعلق بها العرب فيما بعد ولو لا ذلك لما اهتدوا إليها ولخاتنهم اللغة في هذا الباب عن تصوير ما يريدون انظر حينما يصف القرآن دعوة امرأة العزيز
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٤٨٩
للنسوة اللائي تحدثن منتقدات عن مراودتها ليوسف عن نفسه إلى جلسة لطيفة رائعة في بيتها لتطلعهن فيها على يوسف وجماله فيعذرنها فيما أقدمت عليه، لقد قدمت لهن في ذلك المجلس طعاما ولا شك ولقد أوضح القرآن هذا ولكنه لم يعبر عن ذلك بالطعام فهذه الكلمة إنما تصور شهوة الجوع وتنتقل بالفكر الى « المطبخ » بكل ما فيه من ألوان الطعام وروائحه وأسبابه.
الفوائد :
١- (حاشا) تكون على ثلاثة أوجه :
١- فعلا متعديا متصرفا، تقول : حاشيته بمعنى استثنيته وان سبقتها ما تكون نافية.
٢- تنزيهية نحو حاشا للّه فتكون اسما مرادفا للتنزيه منصوبا على المفعولية المطلقة وقيل هي فعل وتثبت الألف وتحذف.


الصفحة التالية
Icon