١- الاستفهام الانكاري في قوله تعالى أفمن وحذف خبره تصريحا في التوبيخ والزراية عليهم على القياس الفاسد لفقد الجهة الجامعة لهما وهذا ما يسميه علماء البيان : الإضمار على شريطة التفسير وهو أن يحذف من صدر الكلام ما يؤتى به في آخره فيكون الآخر دليلا على الأول وهو على ثلاثة أضرب :
آ- أن يأتي عن طريق الاستفهام فتذكر الجملة الأولى دون الثانية كالآية التي نحن بصددها وكقوله تعالى أيضا :« أ فمن شرح اللّه صدره للاسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه أولئك في ضلال مبين » تقدير الآية أفمن شرح اللّه صدره للاسلام كمن أقسى قلبه ويدل على المحذوف قوله « فويل للقاسية قلوبهم ».
ب- أن يرد على حد النفي والإثبات كقوله « لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا » تقديره لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل ومن أنفق من بعده وقاتل.
ج- أن يرد على غير هذين الوجهين فلا يكون استفهاما ولا نفيا واثباتا كقول أبي تمام :
يتجنب الآثام ثم يخافها فكأنما حسناته آثام
ففي صدر البيت إضمار مفسر في عجزه وتقديره انه يتجنب الآثام فيكون قد أتى بحسنة ثم يخاف تلك الحسنة فكأنما حسناته آثام والبيت بعد مأخوذ بطرف خفي من قوله تعالى :« و الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ».
٢- وضع المظهر موضع المضمر للتنبيه على أنهم جعلوا شركاء لمن
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٢٩
هو فرد واحد لا يشاركه أحد في اسمه وذلك في قوله « و جعلوا للّه شركاء ».
٣- التعجيز في قوله « قل سموهم » أي عيّنوا أسماءهم فقولوا فلان وفلان فهو إنكار لوجودها على وجه برهاني كما تقول : إن كان الذي تدعيه موجودا فسمّه لأن المراد بالاسم العلم.


الصفحة التالية
Icon