صفحة رقم ٩٦
قال ابن عرفة : وعادتهم يوردون عليه تشكيكا من ناحية أن سلام الملائكة على إضمار ( فعل ) مؤكد بالمصدر، والدّال على إثبات الحقيقة وإزالة الشك عن الحديث الأعم من أن يكون وقوعه منهم ثابتا، أو لا ؟ والاسم المرفوع دال على ثبوت وقوع السلام منهم أعم من أن يكون حقيقة أو مجازا، فتعادلا، فليس أحدهما بأبلغ من الآخر.
قال : وكان يمشي لنا الجواب عنه بأن سلام إبراهيم إنما هو بعد سلام الملائكة ردا عليهم، والبعدية تقتضي الحدوث ( والتجدّد )، فلو عبر فيه بالفعل لتوهّم ( فيه ) الحدوث، وأنه إنّما سلم ردا عليهم فعبّر بالاسم ( تنبيها ) على أن ( سلامِيَ ) عليكم كان ثابت ولو لم تبدؤوني بالسّلام.
وسلام الملائكة لما كان ابتدائيا لا يتوهّم فيه البعدية ولا أنه جواب وَرَدّ عبّروا فيه بالفعل ( إذْ ) لا ضرورة تدعو إلى التعبير بالاسم.
قلت : وأورد بعض نحاة الزمان على هذا إشكالين.
- الأول : كيف يصح حذف الفعل مع أن المصدر مؤكد له والفعل المؤكد يحذف لأن مقام الاختصار مناف لمقام التأكيد ( فيمنع ) أن ( يكون ) المصدر هنا مؤكدا ؟ - الثاني :( إنما يمنع ) أن هذا أبلغ لأن هذا المصدر نائب مناب الفعل لا مؤكدا له وكأنه لم يحذف من الكلام شيء