رسول الله ﷺ يقول: سحرتني يهود بني زريق. (١)
* * *
وأنكر قائل هذه المقالة أن يكون الساحر يقدر بسحره على قلب شيء عن حقيقته، واستسخار شيء من خلق الله - إلا نظير الذي يقدر عليه من ذلك سائر بني آدم - أو إنشاء شيء من الأجسام سوى المخاريق والخدع المتخيلة لأبصار الناطرين بخلاف حقائقها التي وصفنا. وقالوا: لو كان في وسع السحرة إنشاء الأجسام وقلب حقائق الأعيان عما هي به من الهيئات، لم يكن بين الحق والباطل فصل، (٢) ولجاز أن تكون جميع المحسوسات مما سحرته السحرة فقلبت أعيانها. قالوا: وفي وصف الله جل وعز سحرة فرعون بقوله:( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ) [سورة طه: ٦٦]، وفي خبر عائشة عن رسول الله ﷺ أنه كان إذْ سحر يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله، أوضح الدلالة على بطول دعوى المدعين =: أن الساحر ينشئ أعيان الأشياء بسحره، ويستسخر ما يتعذر استسخاره على غيره من بني آدم، كالموات والجماد والحيوان = وصحة ما قلنا. (٣)
* * *
وقال آخرون: قد يقدر الساحر بسحره أن يحول الإنسان حمارا، وأن يسحر الإنسان والحمار، وينشئ أعيانا وأجساما، واعتلوا في ذلك بما:-
١٦٩٥ - حدثنا به الربيع بن سليمان قال، حدثنا ابن وهب قال، أخبرنا ابن أبي الزناد قال، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة زوج

(١) الحديث : ١٦٩٤ - هذا في معنى الحديثين قبله. ولكن هذا مرسل. وقد روى ابن سعد ٢/٢/٥، نحوه مختصرا، عن الزهري، "عن ابن المسيب وعروة بن الزبير قالا : فكان رسول الله ﷺ يقول : سحرتني يهود بني زريق". وقد أشار الحافظ في الفتح ١٠ : ١٩٣ إلى أن مرسل سعيد بن المسيب رواه عبد الرزاق، وذكر من بعض ألفاظه ما يدل على أنه أطول مما هنا. وقوله"بئر حزم"، لا يعرف. والذي في الروايات جميعا :"بئر ذروان".
(٢) في المطبوعة :"فضل"، وهو خطأ.
(٣) سياق العبارة :"أوضح الدلالة على بطول دعوى المدعين.. وصحة ما قلنا" معطوفا.


الصفحة التالية
Icon