ألقوا فأخذه جبريل عليه السلام والثاني قال آخرون إن الرسول نزل منزلاً وتفرق الناس عنه وعلق رسول الله ( ﷺ ) سلاحه بشجرة فجاء إعرابي وسل سيف رسول الله ( ﷺ ) وقال من يمنعك مني فقال لا أحد ثم صاح رسول الله ( ﷺ ) بأصحابه فأخبرهم وأبى أن يعاقبه وعلى هذين القولين فالمراد من قوله اذْكُرُواْ نِعْمَتِى اللَّهِ عَلَيْكُمْ تذكير نعمة الله عليهم بدفع الشر والمكروه عن نبيّهم فأنه لو حصل ذلك لكان من أعظم المحن والثالث روي أن المسلمين قاموا ءلى صلاة الظهر بالجماعة وذلك بعسفان فلما صلوا ندم المشركون وقالوا ليتنا أوقعنا بهم في أثناء صلاتهم فقيل لهم إن للمسلمين بعدها صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وآبائهم يعنون صلاة العصر فهموا بأن يوقعوا بهم إذ قامو إليه فنزل جبريل عليه السلام بصلاة الخوف
المسألة الثانية يقال بسط إليه لسانه إذا شتمه وبسط إليه يده إذا بطش به ومعنى بسط اليد مده إلى المطبوش به ألا ترى أن قولهم فلان بسيط الباع ومديد الباع بمعنى واحد فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ أي منعها أن تصل إليكم
وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَى ْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّى مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلواة َ وَءَاتَيْتُمْ الزَّكَواة َ وَءَامَنتُمْ بِرُسُلِى وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاٌّ نْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذالِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ
قوله تعالى وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِى إِسْراءيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَى ْ عَشَرَ نَقِيباً وفيه مسائل
المسألة الأولى أعلم أن في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوهاً الأول أنه تعالى خاطب المؤمنين فيما تقدم فقال وَاذْكُرُواْ نِعْمَة َ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِى وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ اللَّهَ وَأَطَعْنَا ( المئدة ٧ ) ثم ذكر الآن أنه أخذ الميثاق من بني إسرائيل لكنهم نقضوه وتركوا الوفاء به فلا تكونوا أيها المؤمنون مثل أولئك اليهود في هذا الخلق الذميم لئلا تصيروا مثلهم فيما نزل بهم من اللعن والذلة والمسكنة والثاني أنه لما ذكر قوله اذْكُرُواْ نِعْمَتِى اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ( المائدة ١١ ) وقد ذكرنا في بعض الروايات أن هذه الآية نزلت في اليهود وأنهم أرادوا أيقاع الشر برسول الله ( ﷺ ) فلم ذكر الله تعالى ذلك أتبعه بذكر فضائحهم وبيان أنهم أبداً كانوا مواظبين على نقض العهود والمواثيق الثالث أن الغرض من الآيات المتقدمة ترغيب المكلفين في قبول التكاليف وترك التمرد والعصيان فذكر تعالى أنه كلف من كان قبل المسلمين كما كلفهم ليعلموا أن عادة الله في التكليف والالزام غير مخصوصة بهم بل هي عادة جارية له مع جميع عباده
المسألة الثانية قال الزجاج النقيب فعيل أصله من النقب وهو الثقب الواسع يقال فلان نقيب القوم لأنه ينقب عن أحوالهم كما ينقب عن الأسرار ومنه المناقب وهي الفضائل لأنها لا تظهر إلا بالتنقيب عنها ونقبت الحائط أي بلغت في النقب إلى آخرة ومنه النقبة السراويل بغير رجلين لأنه قد بولغ في فتحها ونقبها ويقال كلب نقيب وهو أن ينقب حنجرته لئلا يرتفع صوت نباحه وإنما يفعل ذلك البخلاء من العرب لئلا يطرقهم ضيف


الصفحة التالية
Icon