مَوْلَاهُمُ الْحَقّ أعني أعرضوا عن المولى الباطل ورجعوا إلى المولى الحق
وأما قوله مَوْلَاهُمُ الْحَقّ فقد مر تفسيره في سورة الأنعام
وأما قوله وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ فالمراد أنهم كانوا يدعون فيما يعبدونه أنهم شفعاء وأن عبادتهم مقربة إلى الله تعالى فنبه تعالى على أن ذلك يزول في الآخرة ويعلمون أن ذلك باطل وافتراء واختلاق
قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ والأرض أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والاٌّ بْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَى َّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَى ِّ وَمَن يُدَبِّرُ الاٌّ مْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَة ُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
اعلم أنه تعالى لما بين فضائح عبدة الأوثان أتبعها بذكر الدلائل الدالة على فساد هذا المذهب
فالحجة الأولى ما ذكره في هذه الآية وهو أحوال الرزق وأحوال الحواس وأحوال الموت والحياة أما الرزق فإنه إنما يحصل من السماء والأرض أما من السماء فبنزول الأمطار الموافقة وأما من الأرض فلأن الغذاء إما أن يكون نباتاً أو حيواناً أما النبات فلا ينبت إلا من الأرض وأما الحيوان فهو محتاج أيضاً إلى الغذاء ولا يمكن أن يكون غذاء كل حيوان حيواناً آخر وإلا لزم الذهاب إلى ما لا نهاية له وذلك محال فثبت أن أغذية الحيوانات يجب انتهاؤها إلى النبات وثبت أن تولد النبات من الأرض فلزم القطع بأن الأرزاق لا تحصل إلا من السماء والأرض ومعلوم أن مدبر السموات والأرضين ليس إلا الله سبحانه وتعالى فثبت أن الرزق ليس إلا من الله تعالى وأما أحوال الحواس فكذلك لأن أشرفها السمع والبصر وكان علي رضي الله عنه يقول سبحان من بصر بشحم وأسمع بعظم وأنطق بلحم وأما أحوال الموت والحياة فهو قوله وَمَن يُخْرِجُ الْحَى َّ مِنَ الْمَيّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيّتَ مِنَ الْحَى ّ وفيه وجهان الأول أنه يخرج الإنسان والطائر من النطفة والبيضة وَيُخْرِجُ الْمَيّتَ مِنَ الْحَى ّ أي يخرج النطفة والبيضة من الإنسان والطائر والثاني أن المراد منه أنه يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن والأكثرون على القول الأول وهو إلى الحقيقة أقرب ثم إنه تعالى لما ذكر هذا التفصيل ذكر بعده كلاماً كلياً وهو قوله وَمَن يُدَبّرُ الاْمْرَ وذلك لأن أقسام تدبير الله تعالى في العالم العلوي وفي العالم السفلي وفي عالمي الأرواح والأجساد أمور لا نهاية لها وذكر كلها كالمتعذر فلما ذكر بعض تلك التفاصيل لا جرم عقبها بالكلام الكلي ليدل على الباقي ثم بين تعالى أن الرسول عليه السلام إذا سألهم عن مدبر هذه الأحوال فسيقولون إنه الله سبحانه