وعطائه وإن كان رأس المال أيضاً كذلك لكن هذا المعنى في الربح أظهر ولما كان المال منه ما ينفق للتجارة فيه ومنه ما لا ينفق وما أنفق منه للتجارة أحد قسميه وهو يحتمل أن تكون التجارة فيه رابحة ويحتمل أن لا تكون رابحة فصار القسم الواحد قسمين فصار في التقدير كان الربح في ربعه فأوجب ( ربع ) عشر الذي فيه الربح وهو عشر فهو ربع العشر وهو الواجب فعلم أن الله لا يسألكم أموالكم ولا الكثير منه
ؤإِن يَسْألْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ
الفاء في قوله فَيُحْفِكُمْ للإشارة إلى أن الإحفاء يتبع السؤال بياناً لشح الأنفس وذلك لأن العطف بالواو قد يكون للمثلين وبالفاء لا يكون إلا للمتعاقبين أو متعلقين أحدهما بالآخر فكأنه تعالى بيّن أن الإحفاء يقع عقيب السؤال لأن الإنسان بمجرد السؤال لا يعطي شيئاً وقوله تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ يعني ما طلبها ولو طلبها وألح عليكم في الطلب لبخلتم كيف وأنتم تبخلون باليسير لا تبخلون بالكثير وقوله وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ يعني بسببه فإن الطالب وهو النبي ( ﷺ ) وأصحابه يطلبونكم وأنتم لمحبة المال وشح الأنفس تمتنعون فيفضي إلى القتال وتظهر به الضغائن
هَآ أَنتُمْ هَاؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِى ُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُم
( يعني ) قد طلبت منكم اليسير فبخلتم فكيف لو طلبت منكم الكل وقوله هَؤُلاء يحتمل وجهين أحدهما أن تكون موصولة كأنه قال أنتم هؤلاء الذين تدعون لتنفقوا في سبيل الله وثانيهما هَؤُلاء وحدها خبر أَنتُمْ كما يقال أنت هذا تحقيقاً للشهرة والظهور أي ظهر أثركم بحيث لا حاجة إلى الإخبار عنكم بأمر مغاير ثم يبتدىء تَدْعُونَ وقوله تَدْعُونَ أي إلى الإنفاق إما في سبيل الله تعالى بالجهاد وإما في صرفه إلى المستحقين من إخوانكم وبالجملة ففي الجهتين تخذيل الأعداء ونصرة الأولياء فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ثم بيّن أن ذلك البخل ضرر عائد إليه فلا تظنوا أنهم لا ينفقونه على غيرهم بل لا ينفقونه على أنفسهم فإن من يبخل بأجرة الطبيب وثمن الدواء وهو مريض فلا يبخل إلا على نفسه ثم حقق ذلك بقوله وَاللَّهُ الْغَنِى ُّ غير محتاج إلى مالكم وأتمه بقوله وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء حتى لا تقولوا إنا أيضاً أغنياء عن القتال ودفع حاجة الفقراء فإنهم لا غنى لهم عن ذلك في الدنيا والآخرة أما في الدنيا فلأنه لولا القتال لقتلوا فإن الكافر إن يغز يغز والمحتاج إن لم يدفع حاجته يقصده لا سيما أباح الشارع للمضطر ذلك وأما في الآخرة فظاهر فكيف لا يكون فقيراً وهو موقوف مسؤول يوم لا ينفع مال ولا بنون
ثم قال تعالى وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَالَكُم بيان الترتيب من وجهين


الصفحة التالية
Icon