بأرض الحرب ويخرجه من بلده ويستحل ماله مع أموال الحربيين إن غلب على الدار، لانه إنما جعل له الذمة على الدين الذى كان عليه في حين عقد العهد.
واختلفوا في المرتدة، فقال مالك والاوزاعي والشافعي والليث بن سعد: تقتل كما يقتل المرتد سواء، وحجتهم ظاهر الحديث: " من بدل دينه فاقتلوه ".
و " من " يصلح للذكر والانثى.
وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: لا تقتل المرتدة، وهو قول ابن شبرمة، وإليه ذهب ابن علية، وهو قول عطاء والحسن.
واحتجوا بأن ابن عباس روى عن النبي ﷺ أنه قال: " من بدل دينه فاقتلوه " ثم إن ابن عباس لم يقتل المرتدة، ومن روى حديثا كان أعلم بتأويله، وروى عن على مثله.
ونهى ﷺ عن قتل النساء والصبيان.
واحتج
الاولون بقوله عليه السلام: " لا يحل دم أمرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان..." فعم كل من كفر بعد إيمانه، وهو أصح.
العاشرة - قال الشافعي: إن من ارتد ثم عاد إلى الاسلام لم يحبط عمله ولا حجه الذى فرغ منه، بل إن مات على الردة فحينئذ تحبط أعماله.
وقال مالك: تحبط بنفس الردة، ويظهر الخلاف في المسلم إذا حج ثم ارتد ثم أسلم، فقال مالك: يلزمه الحج، لان الاول قد حبط بالردة.
وقال الشافعي: لا إعادة عليه، لان عمله باق.
واستظهر علماؤنا بقوله تعالى: " لئن أشركت ليحبطن عملك (١) ".
قالوا: وهو خطاب للنبى ﷺ والمراد أمته، لانه عليه السلام يستحيل منه الردة شرعا.
وقال أصحاب الشافعي: بل هو خطاب النبي ﷺ على طريق التغليظ على الامة، وبيان أن النبي ﷺ على شرف منزلته لو أشرك لحبط عمله، فكيف أنتم ! لكنه لا يشرك لفضل مرتبته، كما قال: " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين (٢) " وذلك لشرف منزلتهن، وإلا فلا يتصور إتيان منهن صيانة لزوجهن المكرم المعظم، ابن العربي.
وقال علماؤنا: إنما ذكر الله الموافاة شرطا ها هنا لانه علق عليها الخلود في النار جزاء، فمن وافى على الكفر خلده الله في النار بهذه الآية، ومن أشرك حبط عمله بالآية الاخرى، فهما آيتان
(٢) آية ٣٠ سورة الاحزاب.