وزعم الخليل -C- أنَّ « أيُّهُمْ » هنا مبتدأ، و « أشدُّ » خبره، وهس استفهامية، والجملة محكية بالقول مقدراً، والتقدير : لنَنْزِعَنَّ من كُل شيعةٍ المقول فيهم أيُّهُم.
وقوى الخليل تخريجه بقول الشاعر :
٣٦١٧- ولقَدْ أبِيتُ مِنَ الفتاةِ بِمَنْزِلٍ | فأبِيتُ لا حَرِجٌ ولا مَحْرُوم |
وذهب يونس إلى أنَّها استفهامية مبتدأ، وما بعدها خبرها كقول الخليل إلاَّ أنَّه زعم أنها متعلقة ل « نَنْزِعَنَّ »، فهي في محل نصب، لأنَّه يجوز التعليق في سائر الفعال، ولا يخصه « بأفعال القلوب كما يخصه » بها الجمهور.
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون النزع واقعاً على ﴿ مِن كُلِّ شِيعَةٍ ﴾ كقوله :﴿ وَوَهَبْنَا لَهْمْ مِّن رَّحْمَتِنَا ﴾ [ مريم : ٥٠ ]، أي : لننزعنَّ بعض كل شيعة، فكأنَّ قائلاً قال : مَنْ هُمْ؟ فقيل : أيهم أشدّ عِتِيًّا.
فجعل « أيُّهُمْ » موصولة أيضاً، ولكن هي في قوله خبر مبتدأ محذوف أي : هم الذين هم أشد. قال أبو حيان : وهذا تكلف ما لا حاجة إليه، وادعاء إضمار غير محتاج إليه، وجعل ما ظاهره أنه جملة واحدة جملتين. وحكى أبو البقاء عن الأخفش والكسائي أن مفعول « نَنْزعنَّ » :« مِنْ كُلِّ شيعةٍ » و « مِنْ » مزيدة، قال : وهما يجيزان زيادة « مِنْ » « في الواجب »، و « أيُّهُم » استفهام أي : لنَنْزِعَنَّ كُلَّ شيعةٍ.
وهذا مخالف في المعنى تخريج الجمهور، فإنَّ تخريجهم يؤدي إلى التبعيض، وهذا يؤدي إلى العموم، إلاَّ أن يجعل « مِنْ » لابتداء الغاية لا للتبعيض فيتفق التخريجان، وذهب الكسائي إلى أنَّ معنى « لنَنْزِعَنَّ » لنُنَادِينَّ، فعومل معاملته، فلم يعمل في « أيّ ». قال المهدوي :« ونادى » يعلق إذا كان بعده جملة نصب، فيعمل في المعنى ولا يعمل في اللفظ. وقال المبرد :« أيُّهُمْ » متعلق ب « شيعةٍ » فلذلك ارتفع، والمعنى من الذين تسايعوا أيهم أشد، كأنهم يتبادرون إلى هذا. « ويلزمه على هذا » أن يقدر مفعولاً ل « ننزعنَّ » محذوفاً وقدر بعضهم في قول المبرد : من الذين تعاونوا فنظروا أيهم.
قال النحاس وهذا قول حسن. وقد حكى الكسائي تشايعوا بمعنى تعاونوا قال شهاب الدين : وفي هذه العبارة المنسوبة للمبرد قلق، ولا بيَّن الناقل عنه وجه الرفع عن ماذا يكون، وبيَّنه أبو البقاء، لكن جعل « أيهم » فاعلاً لما تضمنه « شِيعَةٍ » « من معنى الفعل، قال : التقدير : لننزعن من كل » فريق يشيع أيهم. وهي على هذا بمعنى « الذي » ونقل الكوفيون أنَّ « أيُّهُم » في الآية بمعنى الشرط، والتقدير : إن اشتدَّ عتوهم أو لم يشتد، كما تقول : ضرب القوم أيهم غضب.