المعنى : إن غضبوا أو لم يغضبوا. وقرأ طلحة بن مصرِّف « ومعاذ بن مسلم الهراء أستاذ الفراء، وزائدة » عن الأعمش « أيُّهُمْ » نصباً.
فعلى هذه القراءة والتي قبلها ينبغي أن يكون مذهب سيبويه جواز إعرابها وبنائها، وهو المشهور عند النقلة عنه، « وقد نقل عنه » أنَّه يحتم بناءها.
قال النحاس : ما علمتُ أحداً من النحويين إلاَّ وقد خطَّأ سيبويه، « قال : وسمعت أبا إسحاق الزجاج يقول : ما يبين لي أنَّ سيبويه » غلط في كتابه إلاَّ في موضعين هذا أحدهما. قال : وقد أعرب سيبويه « أيًّا » وهي مفردة، لأنَّها تضاف فكيف يبينها مضافة. وقال الجرميّ : خرجت من البصرة فلم أسمع منذ فارقت الخندق إلى مكة أحداً يقول : لأضربن أيهم قائم، بالضم بل ينصب.
قوله :« على الرَّحمنِ » متعلق ب « أشَدُّ »، و « عِتِيًّا » منصوب على التمييز وهو محول عن المبتدأ، « إذ التقدير » : أيُّهُم هو عتوه أشد. ولا بدَّ من محذوف يتم به الكلام، التقدير : فيلقيه في العذاب، أو فنبدأ بعذابه. قال الزمخشري : فإن قلت : بم يتعلق « عَلَى »، و « البَاء »، فإن تعلقهما بالمصدرين لا سبيل إليه.
قلتُ : هما للبيان لا للصلة، أو يتعلقان بأفعل، أي : عتوهم أشد على الرحمن، وصليهم أولى بالنار، كقولهم : هو أشد على خصمه، وهو أولى بكذا.
يعني ب « عَلَى » قوله :: على الرَّحمنِ «، وب » الباء « قوله :» بالَّذِينَ هُمْ « وقوله : بالمصدرين. يعني بهما » عتِيًّا « و » صِلِيًّا «.
»
وأما كونه لا سبيل إليه «، فلأن المصدر في نية الموصول، ولا يتقدم معمول الموصول عليه » وجوَّز بعضهم « أن يكون » عِتِيًّا «، و » صليًّا « في هذه الآية مصدرين كما تقدم وجوَّز أن يكون جمع عاتٍ وصالٍ فانتصابهما على هذا الحال. وعلى هذا يجوز أن يتعلق » عَلَى « و » الباء « بهما لزوال المحذوف المذكور.
قال المفسرون : معنى قوله :﴿ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بالذين هُمْ أولى بِهَا صِلِيّاً ﴾ أي أحق بدخول النار. يقال : صَلِيَ يَصْلَى صُليًّا مثل لَقِيَ يَلْقَى لُقْيًّا، وصَلَى يَصْلِي صُليًّا مثل مَضَى يَمْضِي مُضيًّا، إذا دخل النار، وقَاسَى حرَّها.
قوله تعالى :﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ﴾ الآية. الواو في »
وإنْ « فيها وجهان :
أحدهما : أنها عاطفة لهذه الجملة على ما قبلها. وقال ابن عطية :﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ﴾ قسم، والواو تقتضيه، ويفسره قول النبي ﷺ »
من مات له ثلاث من الولد لم تمسه النار إلا تحله القسم « وأراد بالقسم قوله تعالى :﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ﴾. قال أبو حيان :» وذهل عن « قول النحويين : إنه لا يستغنى عن القسم بالجواب لدلالة المعنى إلا إذا كان الجواب باللام أو ب » إنَّ «، والجواب هنا على زعمه ب » إنْ « النافية، فلا يجوز حذف القسم على ما نصوا.


الصفحة التالية
Icon