والمَسْجَد بالفتح جَبْهَةُ الرجل حيث يصيبه مكان السجود.
قال الجوهري رحمه الله تعالى : الأعظاء السَّبعة مَسَاجد، وقد تبدل جيمه ياء، ومنه : المَسْجد لغة «.
قوله تعالى :» أَنْ يُذْكَرَ « ناصب ومنصوب، وفيه أربع أوجه :
أحدها : أنه ثاني ل » منع «، تقول : منعته كذا.
وقال أبو حيان : فتعين حذف مضاف أي دخول مساجد الله، ما أشبهه.
والثالث : أنه بدل اشتمال من » مَسَاجِدَ « أي : منع ذكر اسمه فيها.
والرابع : إنه على إسقاط حرف الجر، والأصل من أن يذكر، وحينئذ يجيء فيها مذهبان مشهوران م كونها في محلّ نصب أو جر، و » في خرابها « متعلق ب » سعى «.
واختلف في » خراب « فقال أبو البقاءك » هو اسم مصدر بمعنى التخريب كالسَّلام بمعنى التسليم، وأضيف اسم المصدر لمفعوله؛ لأنه يعمل عمل الفعل «.
وهذا على أحد القولين في أسم المصدر، هل يعمل أو لا؟ وأنشدوا على إعماله :[ الوافر ]٧٤٦ أَكُْراً بَعْدَ رَدِّ المَوْتِ عَنِّي | وَبَعْدَ عَطَائِكَ المائَةَ الرِّتَاعَا |
وقال غيره : هو مصدر : خَرِبَ المكمان يَخْرُبَ خرباًن فالمعنى : سعى في أن تَخْرب هي بنفسها بعدم تَعَاهدها بالعِمَارة، ويقال : منزل خَرَاب وخَرِب؛ كقوله :[ البسيط ]٧٤٧ ما رَبْعُ مَيِّةَ مَعْمُوراً يَطِيفُ بِهِ | غَيْلاَنُ أَبْهَى رُباً مِنْ رَبْعِها الخَرِبِ |
فهو على الاول مضاف للمفعول وعلى الثاني مضاف للفاعل.
فصل في تعلق الآية بما قبلها
في كيفية اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه :
فأما من حملها على النصارى، وخراب » بيت المقدس « قال : تتصل بما قبلها من حيث النصارى ادّعوا أنهم من أهل الجنة فقط. فقيل لهم : كيف تكونون كذلك مع أن معاملتكم في تخريب المساجد، والسعي في خراباها هكذا؟ وأما من حمله على المسجد الحرام، وسائر المساجد، قال : جرى مشركي العرب في قوله تعالى :﴿ كَذَلِكَ قَالَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ﴾ [ البقرة : ١١٣ ].
وقيل :[ ذم جميع الكفار ]، فمرة وجه الذَّنب إلى اليهود والنصارى، ومرة إلى المشركين.
فصل فيمن خرب »
بيت المقدس «
قال بن عباس رضي الله تعالى عنه :[ إن ملك النصارى غزا » بيت المقدس « فخربه، وألقى فيه الجيف، وحاصر أهله، وقلتهم، وسبى البقية، وأحرق التوراة ]، ولم يزل » ببيت المقدس « خراباً حتى بناه أهل الإسلام في زمن عمر.
وقال الحسن وقتادة والسديك نزلت في بخت نصر وأصحابه غزو اليهود وخربوا بيت المقدس، وأعانه على ذلك [ الرومي وأصحابه النصارى من أهل » الروم «.