ويحتمل أنه كان يدعوكم إلى نفسه، حتى تجتمعوا عنده، ولا تتفرقوا. و « أخراهم » آخر الناس كما يقال في أولهم، ويقال : جاء فلانٌ في أخريات الناس.
قوله :﴿ فَأَثَابَكُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه معطوف على « تصعدون » و « تلوون »، ولا يضر كونهما مضارعين؛ لأنهما ماضيان في المعنى؛ لأن « إذ » المضافة إليهما صيرتهما ماضيين، فكأن المعنى إذا صعدتم، وألويتم.
الثاني : أنه معطوفٌ على « صرفكم ».
قال الزمخشريُّ ﴿ فَأَثَابَكُمْ ﴾ عطف على صرفكم، وفيه بُعْدٌ؛ لطول الفصل وفي فاعله قولان :
أحدهما : أنه الباري تعالى.
والثاني : أنه معطوف على « صرفكم ».
قال الزمخشريُّ ﴿ فَأَثَابَكُمْ ﴾ عطف على صرفكم، وفيه بُعْدٌ؛ لطول الفصل وفي فاعله قولان :
أحدهما : أنه الباري تعالى.
والثاني : أنه النبيُّ ﷺ.
قال الزَّمَخْشَرِيُّ : ويجوز أن يكون الضمير في ﴿ فَأَثَابَكُمْ ﴾ للرسول أي : فآساكم من الاغتمام، وكما غمكم ما نزل به من كسر رباعيته غمه ما نزل بكم من فوت الغنيمة.
و « غماً » مفعول ثانٍ.
وقوله :﴿ فَأَثَابَكُمْ ﴾ هل هو حقيقة أو مجاز فقيل : مجاز كأنه جعل الغم قائماً مقام الثواب الَّذِي كان يحصل لولا الفرارُ فهو كقوله :[ الطويل ]
١٦٦٥- أخَافُ زِيَاداً أنْ يَكُونَ عَطَاؤُهُ | أدَاهِم سُوداً أوْ مُحَدْرَجَة سُمْرَا |
١٦٦٦- تحية بينهم ضرب وجميع | جعل القيود والسياط بمنزلة العطاء، والضرب بمنزلة التحية. |
قوله :﴿ بِغَمٍّ ﴾ يجوز في الباء أوجهٌ :
أحدها : أن تكون للسببيةِ، على معنى أن متعلِّق الغَمْ الأول الصحابة، ومتعلق الغَمِّ الثاني قيل المشركين يوم بدرٍ.
قال الحَسَنُ : يريد غَم يوم أحدٍ للمسلمين بغمّ يوم بدرٍ للمشركينَ، والمعنى : فأثابكم غماً بالغم الذي أوقعه على أيديكم بالكفار يوم بدرٍ.
وقيل متعلَّق الغَمِّ الرسول، والمعنى : أذاقكم الله غمًّا بسبب الغَمِّ الذي أدخلتموه على الرسول والمؤمنين بفشلكم ومخالفتكم أمره، أو فأثابكم الرسول غماً بسبب غفم اغتممتموه لأجله، والمعنى أن الصحابة لما رأوا النبي ﷺ شُجَّ وكُسِرت رَبَاعِيَتُه، وقُتِل عَمه، اغتممتموه لأجله، والنبيُّ ﷺ لما رآهم قَد عَصَوْا رَبَّهُم لأجل الغنيمة - ثم بَقَوْا محرومينَ من الغنيمةِ - وقتِلَ أقاربُهم، اغتم لأجلهم.
الثاني : أن تكون الباء للمصاحبة، أي : غماً مصاحِباً لغم، ويكون الغمَّان للصحابة، بمعنى غَمًّا مع غم أو غماً على غم، فالغم الأولُ : الهزيمة والقتل، والثاني إشراف خالد بخيل الكفار، أو بإرجافهم : قتل الرسول ﷺ فعلى الأول تتعلق الباء ب ﴿ فَأَثَابَكُمْ ﴾.
قال أبو البقاء وقيل : المعنى بسبب غم، فيكون مفعولاً به.
وعلى الثاني يتعلقُ بمحذوفٍ؛ لأنه صفة لِ « غَمّ » أي : غماً مصاحباً لغم، أو ملتبساً بغَمٍّ، وأجاز أبو البقاء أن تكون الباءُ بمعنى « بعد » أو بمعنى « بدل » وجعلها - في هذين الوجهين - صفة ل « غماً ».