[ الواقعة : ٧٠ ].
قوله :« ونَطْبَعُ » في هذه الجملة أوْجُهٌ :
أحدها : أنَّهَا نسقٌ على « أصَبْنَاهم » وجاز عطف المضارع على الماضي؛ لأنَّهُ بمعناه، وقد تقدَّم أنَّ « لو » تخلِّص المضارع للمُضِيِّ، ولما حكى أبُو حيَّان كلام ابن الأنْبَارِيْ المتقدم قال :« فَجَعل » لو « شرطيّةً بمعنى » إنْ « ولم يجعلها التي هي لِما كان سيقعُ لوقوع غيره، ولذلِكَ جعل » أصَبْنَا « بمعنى نُصِيبُ.
ومثال وقوع » لو « بمعنى » إن « قوله :[ الكامل ]
٢٥٣٣ - لا يُلْفِكَ الرَّاجِيكَ إلاَّ مُظْهِراً | خُلُقَ الكِرَامِ ولَوْ تكُونُ عَدِيمَا |
قال الزمخشريُّ :« فإن قلت : هل يجوزُ أن يكون » وَنَطْبَعُ « بمعنى » طَبَعْنَا « كما كان » لَوْ نَشَاءُ « بمعنى » لَوْ شِئْنَا « ويعطف على » أصَبْنَاهُم « ؟
قلت : لا يساعدُ على المعنى؛ لأنَّ القَوْمَ كانوا مطبوعاً على قلوبهم، موصوفين بصفة من قبلهم من اقتراف الذُّنوب والإصابةِ بها، وهذا التَّفسيرُ يؤدِّي إلى خلوِّهِم من هذه الصِّفةِ، وأن الله لو شاء لاتَّصَفُوا بها ».
قال أبو حيَّان :« وهذا الرَّدُّ ظَاهِرُ الصِّحَّةِ، وملخصهُ : أن المعطوفَ على الجوابِ جوابٌ، سواءً تأوَّلْنَا المعطوف عليه أم المعطوف، وجواب » لو « لم يقع بَعْدُ، سواءً كانت حرفاً لما كان سيقعُ لوقوع غيره أمْ بمعنى » إن « الشَّرطية، والإصابة لم تقع، والطَّبْعُ على القلوب واقعٌ، فلا يَصِحُّ أن تعطف على الجوابِ. فإن تؤوِّل » ونُطِبعُ « على معنى : ونستمرُّ على الطَّبْعِ على قلوبهم، أمكن التَّعاطف؛ لأنَّ الاستمرار لم يقع بعدُ، وإن كان الطَّبْعُ قد وقع ».
قال شهابُ الدِّين :« فهذا الوجه الأوَّلُ ممتنعٌ لما ذكره الزَّمخشريّ ».
ونقل ابنُ الخطيبِ عن الزَّمَخْشَري أنَّهُ قال :« ولا يجوز أن يكون معطوفاً على » أصَبْنَاهُمْ « ؛ لأنَّهُم كانوا كُفَّاراً، إذْ كل كَافِرِ فهو مَطْبُوعٌ على قلبه، فقوله بعد ذلك :﴿ وَنَطْبَعُ على قُلُوبِهِمْ ﴾ يَجْرِي مَجْرَى تحصيل الحاصلِ وهو مُحَالٌ ».
قال ابن الخطيب :« وهذا ضَعِيفٌ؛ لأنَّ كونه مطبوعاً عليه في الكفر لم يكن هذا منافياً لصِحَّةِ العطفِ ».
الوجه الثاني : أن يكون « نَطْبَعُ » مستأنفاً، ومنقطعاً عمَّا قبله فهو في نيَّةِ خبر مبتدأ مَحْذُوفٍ أ : ونحن نَطْبَعُ.