٢٢٤٣- أتَانِي أبَيْتَ اللَّعْنَ أنَّكَ لُمْتَنِي... وتِلْكَ الَّتِي تَسْتَكُّ مِنْهَا المَسَامِعُ
مَقَالَةَ أَنْ قَدْ قُلْتَ : سَوْفَ أَنَالُه... ُ وَذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ مِثْلِكَ رَائِعُ
ف « مقالة » بدل من « أنَّك لُمْتَنِي »، وهو فاعل، والرواية بفتح تاء « مَقَالة » لإضافتها إلى « أن » وما في حيِّزهَا.
الخامس : أن المَسْألةَ من باب الإعْمَالِ، وذلك أن « تَقَطَّع » و « ضَلَّ » كلاهما يَتَوجَّهلان على « مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ » كل منهما يطلبه فاعلاً، فيجوز أن تكون المَسْألَةُ من باب إعمال الثاني، وأن تكون من إعمال الأوَّل، لأنه ليس هنا قرينة تُعَيِّنُ ذلك، إلا أنه تقدم في « البقرة » أن مذهب البصريين اخْتِيَارُ إعمال الثاني، ومذهب الكوفيين بالعكس، فعلى اختيار البصريين يكون « ضَلَّ » هو الرافع ل « ما كُنْتُمْ تَزْعُمُون » واحتاج الأول لفاعل فأعطيناه ضميره فاسْتَتَر فيه، وعلى اختيار الكوفيين يكون « تقطَّع » هو الرافع ل « مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ »، وفي « ضلَّ » ضمير فاعل به، وعلى كلا القولين ف « بينكم » منصوب على الظَّرْف، وناصبه « تَقطَّع » هو الرافع. السادس : أن الظرف صِلَةٌ لموصول محذوف تقديره : تقطَّع ما بينكن، فحذف الموصول وهو « ما » وقد تقدَّم أن ذلك رأى الكوفيين، وتقدم ما استشهدوا به عليه من القرآن، وأبيات العرب، واستتدلَّ القائل بذلك بقول الشاعر حيث قال في ذلك :[ الطويل ]
٢٢٤٤- يُدِيرُونَنِي عَنْ سَالِمٍ وأديرُهُمْ... وجِلْدَةُ بَيْنَ الأنْفِ والعَيْنِ سَالِمُ
وقول الآخر في ذلك :[ البسيط ]
٢٢٤٥- مَا بَيْنَ عَوْفٍ وإبْرَاهِيمَ مِنْ نَسَبٍ... إلاَّ قَرَابَةُ بَيْنَ الزَّنْجِ والرُّومِ
تقديره : وَجِلْدةُ ما بين، وإلاَّ قرابة ما بَيْن، ويدل على ذلك قراءة عبد الله، ومجاهد، والأعمش :« لقد تَقطَّع ما بينكم ».
السابع : قال الزمخشري :« لَقَدْ تقطَّعَ بينكم » : لقد وقع التَّقَطُّع بينكم، كما تقول : جمع بين الشَّيْئْينِ، تريد أوقع الجمع بينهما على إسناد الفعل إلى مصدره بهذا التأويل قول حَسَنٌ، وذلك لأن لو أضمر في « تقطّع » ضمير المصدر المفهوم منه لصار التقدير : تقطع التَّقطُّع بينكم، وإذا تقطَّع التقطع بينهم حصل الوَصْلُ، وهذا ضدُّ المقصود، فاحتاج أن قال : إن الفعل أسند إلى مصدره بالتأويل المذكور، إلا أن أبا حيَّان اعتراضه، فقال :« فظاهره أنه ليس بِجيِّدٍ، وتحريره أنه أسند الفِعْلَ إلى ضمير مصدره فأضمره فيه؛ لأنه إن أسْنَدَهُ إلى صريح المصدر، فهو محذوف، ولا يجوز حذف الفاعل، ومع هذا التقدير فليس بِصَحيح؛ لأن شَرْطَ الإسناد مفقود فيه، وهوتغاير الحكم والمحكوم عليه؛ يعني : أنه لا يجوز أن يتَّحدَ الفعل والفاعل في لَفْظٍ واحد من غير فائدة، لا تقول : قام القائم، وذلك لا يجوز، مع أنه يلزم عليه أيضاً فَسَادُ المعنى كما تقدم منه أنه يَلْزَمُ أن يحصل لهم الوَصْلُ ».


الصفحة التالية
Icon