﴿ لهم رزقهم فيها بكرة وعشياً ﴾ [ مريم : ٦٢ ].
وأخرج الدارقطني عن أنس قال : قال رسول الله ﷺ :« إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنون ربهم تعالى فاحدثم عهداً بالنظر إليه في كل جمعة ويراه المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر ».
وأخرج الدارقطني عن أنس قال : بينما نحن حول رسول ﷺ إذ قال :« أتاني جبريل وفي يده كالمرآة البيضاء في وسطها كالنكتة السوداء، قلت يا جبريل : ما هذا؟ قال : هذا يوم الجمعة يعرض عليك ربك ليكون لك عيداً ولأمتك من بعدك. قلت يا جبريل : فما هذه النكتة السوداء؟ قال : هذه الساعة وهي تقوم في يوم الجمعة، وهو سيد أيام الدنيا، ونحن ندعوه في الجنة يوم المزيد. قلت يا جبريل : ولم تدعونه يوم المزيد؟ قال : لأن الله تعالى اتخذ في الجنة وادياً أفيح من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة ينزل ربنا على كرسي إلى ذلك الوادي وقد حف العرش بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر، وقد حفت تلك المنابر بكراسي من نور، ثم يأذن لأهل الغرفات فيقبلون يخوضون كثائب المسك إلى الركب، عليهم أسورة الذهب والفضة، وثياب السندس والحرير، حتى ينتهوا إلى ذلك الوادي، فإذا اطمأنوا فيه جلوساً بعث الله تعالى عليهم ريحاً يقال لها المثيرة، فثارت ينابيع المسك الأبيض في وجوههم وثيابهم، وهم يومئذ جرد مكعلون أبناء ثلاث وثلاثين يضرب جمامهم إلى سررهم على صورة آدم يوم خلقه الله تعالى، فينادي رب العزة تبارك وتعالى رضوان، وهو خازن الجنة، فيقول : يا رضوان ارفع الحجب بيني وبين عبادي وزواري، فإذا رفع الحجب بينه وبينهم فرأوا بهاءه ونوره هبوا له سجوداً فيناديهم تعالى بصوت : ارفعوا رؤوسكم فإنما كانت العبادة في الدنيا، وأنتم اليوم دار الجزاء، سلوني ما شئتم فأنا ربكم الذي صدقتكم وعدي وأتممت عليكم نعمتي، فهذا محل كرامتي فسلوني ما شئتم. فيقولون : ربنا وأيّ خير لم تفعله بنا ألست الذي أعنتنا على سكرات الموت، وآنست منا الوحشة في ظلمات القبور، وآمنت روعتنا عند النفخة في الصور؟ ألست أقلتنا عثراتنا، وسترت علينا القبيح من فعلنا، وثبت على جسر جهنم أقدامنا؟ ألست الذي ادنيتنا في جوارك، وأسمعتنا من لذادة منطقك، وتجليت لنا بنورك؟ فأي خير لم تفعله بنا؟ فيعود تعالى فيناديهم بصوته، فيقول : أنا ربكم الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، فسلوني، فيقولون : نسألك رضاك. فيقول : رضاي عنكم أقلتكم عثراتكم وسترت عليكم القبيح من أموركم، وأدنيت مني جواركم، وأسمعتكم لذاذة منطقي، وتجليت لكم بنوري، فهذا محل كرامتي فسلوني. فيسألونه حتى تنتهي مسألتهم، ثم يقول تعالى : سلوني، فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم. ثم يقول تعالى : سلوني فيقولون : رضينا ربنا وسلمنا، فيزيدهم من مزيد فضلة وكرامته، ويزيد زهرة الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطرت على قلب بشر، ويكون كذلك حتى مقدار متفرقهم من الجمعة. قال أنس : فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله وما مقدار تفرقهم؟ قال : كقدر الجمعة إلى الجمعة. قال : يحمل عرش ربنا العليون معهم الملائكة والنبيون، ثم يؤذن لأهل الغرفات، فيعودون إلى غرفهم، وهم غرفتان زمردتان خضروان، وليسوا إلى شيء أشوق منهم إلى ويوم الجمعة لينظروا إلى ربهم، وليزيدهم من مزيد فضله وكرامته »


الصفحة التالية
Icon