ج ٢٦، ص : ٤٠
ثم أجاب عن ذلك مقرّرا للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود فقال :
(بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي بلى إن الذي خلق ذلك - ذو قدرة على كل شىء أراد خلقه، ولا يعجزه شىء أراد فعله.
وقد أجاب سبحانه عن هذا السؤال لوضوح الجواب إذ لا يختلف فيه أحد، ولا يعارض فيه ذو لبّ.
ولما أثبت البعث بما أقام من الأدلة ذكر ما يحدث حينئذ من الأهوال فقال :
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ ؟ قالُوا بَلى وَرَبِّنا) أي ويوم يعرض هؤلاء المكذبون بالبعث وبثواب اللّه لعباده على أعمالهم الصالحة، وعقابه إياهم على أعمالهم السيئة - على نار جهنم يقال لهم على سبيل التأنيب والتوبيخ : أليس هذا العذاب الذي تعذّبونه اليوم وقد كنتم تكذبون به فى الدنيا - بالحق الذي لا شك فيه ؟
قالوا من فورهم : بلى وربنا إنه لحق.
(قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) أي قال آمرا لهم على طريق الإهانة والتوبيخ : ذوقوا عذاب النار الآن جزاء جحودكم به فى الدنيا، وإبائكم الاعتراف به إذا دعيتم للتصديق به.
ولما قرر التوحيد والنبوة والبعث وأجاب عن شبهاتهم - أردف ذلك ما يجرى مجرى العظة والنصيحة لنبيّه، لأن الكفار كانوا يؤذونه ويوغرون صدره فقال :
(فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) أي فاصبر أيها الرسول على ما أصابك فى اللّه من أذى مكذبيك من قومك الذين أرسلناك إليهم منذرا، كما صبر أولو العزم من الرسل على القيام بأمر اللّه والانتهاء إلى طاعته.
والخلاصة - اصبر على الدعوة إلى الحق ومكابدة الشدائد كما صبر إخوانك الرسل من قبلك.
وعن عائشة قالت : ظلّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صائما ثم طوى، ثم ظلّ صائما ثم طوى، ثم ظل صائما قال يا عائشة :« إن الدنيا لا تنبغى لمحمد ولا لآل محمد،


الصفحة التالية
Icon