ج ٦، ص : ١٠٩
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) اتقاء اللّه هو اتقاء سخطه وعقابه بعدم مخالفة دينه وشرعه، والوسيلة ما يتوصل به إلى مرضاته والقرب منه واستحقاق مثوبته فى دار الكرامة.
روى ابن جرير عن قتادة أنه قال فى تفسير الآية أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه،
وروى أحمد والبخاري وأصحاب السنن من حديث جابر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال :« من قال حين يسمع النداء - الآذان - اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، حلت له شفاعتى يوم القيامة »
روى أحمد ومسلم من حديث عبد اللّه بن عمر أنه سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول :« إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علىّ فإنه من صلى علىّ صلاة صلى اللّه عليه عشرا، ثم سلوا لى الوسيلة، فإنها منزلة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد اللّه، وأرجو أن أكون هو، فمن سأل لى الوسيلة حلت عليه الشفاعة ».
وبهذا يعلم أن هذه الوسيلة هى أعلى منازل الجنة، فمن دعا اللّه تعالى أن يجعلها للنبى صلى اللّه عليه وسلم كافأه النبي صلى اللّه عليه وسلم بالشفاعة، وهى دعاء أيضا والجزاء من جنس العمل.
(وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ) الجهاد من الجهد وهو المشقة والتعب، وسبيل اللّه هى طريق الحق والخير والفضيلة، وكل جهد فى الدفاع عن الحق وحمل الناس عليه فهو جهاد فى سبيل اللّه.
أي جاهدوا أنفسكم بكفها عن أهوائها، وحملها على النّصفة والعدل فى جميع الأحوال، وجاهدوا أعدائى وأعداءكم، وأتبعوا أنفسكم فى قتالهم ومنعهم من مقاومة الدعوة.


الصفحة التالية
Icon