ج ٦، ص : ١٣٩
[سورة المائدة (٥) : آية ٥٤]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤)
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه أن من يتولّى الكافرين من دون اللّه يعدّ منهم، وأن الذين يسارعون فيهم مرضى القلوب مرتدون بتولّيهم إياهم، فإن أخفوا ذلك فإظهارهم للإيمان نفاق.
بيّن هنا حقيقة دعمها بخبر من الغيب يظهره الزمن المستقبل، فالحقيقة أن المنافقين ومرضى القلوب لا غناء فيهم ولا يعتد بهم فى نصر الدين وإقامة الحق فاللّه إنما يقيم دينه بصادقى الإيمان الذين يحبهم فيزيدهم رسوخا فى الحق وقوة على إقامته، ويحبونه فيؤثرون ما يحبه من إقامة الحق والعدل على سائر ما يحبون من مال ومتاع وأهل وولد.
وخبر الغيب أنه سيرتدّ بعض الذين آمنوا عن الإسلام جهرا ولا يضره ذلك، لأن اللّه تعالى يسخّر من ينصره ويحفظه.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) روى ابن جرير عن قتادة قال : أنزل اللّه هذه الآية وقد علم أنه سيرتد مرتدون من الناس، فلما قبض اللّه نبيه محمدا صلى اللّه عليه وسلم ارتد عامة العرب عن الإسلام إلا ثلاثة مساجد - أهل المدينة وأهل مكة وأهل البحرين من عبد القيس - قالوا (أي المرتدون) نصلّى ولا نزكى، واللّه لا تغصب أموالنا، فكلّم أبو بكر فى ذلك فقيل له : إنهم لو قد فقهوا لهذا أعطوها وزادوها فقال : لا واللّه، لا أفرق بين شىء


الصفحة التالية
Icon