وقوله تعالى :﴿ فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ﴾ تعليل للنهي عن ابتغاء ماله بما فيه من الوعد الضمني، كأنه قيل : لا تبتغوا ماله، فعند الله مغانم كثيرة يغنمكموها، فيغنيكم عن ارتكاب ما ارتكبتموه، أفاده أبو السعود، ثم قال : وقوله تعالى :﴿ كَذَلِكَ كُنتُم مّن قَبْلُ فَمَنّ اللّهُ عَلَيْكُمْ ﴾ تعليل للنهي عن القول المذكور، أي : مثل ذلك الذي ألقى إليهم السلام، كنتم أنتم أيضاً، في مبادئ إسلامكم، لا يظهر منكم للناس غير ما ظهر منه لكم، من تحية الإسلام ونحوها، فمنّ الله عليكم، بأن قبل منكم تلك المرتبة، وعصم بها دماءكم وأموالكم، ولم يأمر بالتفحص عن سرائركم.
والفاء في قوله تعالى :﴿ فَتَبَيّنُواْ ﴾ فصيحة، أي : إذا كان الأمر كذلك، فاطلبوا بيان هذا الأمر البين وقيسوا حاله بحالكم، وافعلوا به ما فعل بكم، في أوائل أموركم، من قبول ظاهر الحال، من غير وقوف على تواطؤ الظاهر والباطن.
﴿ إِنّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾ فلا تتهافتوا في القتل وكونوا محترزين محتاطين في ذلك.
قال ابن كثير ( في سبب نزولها ) أخرج الإمام أحمد عن عِكْرِمَة عن ابن عباس قال : مر جل من بني سُلَيم بنفر من أصحاب النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم يرعى غنماً له، فسلم عليهم، فقالوا : ما يسلم علينا إلا ليتعوذ منا، فعمدوا إليه فقتلوه، وأتوا بغنمه النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم، فنزلت هذه الآية :﴿ يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ ﴾ إلى آخرها، ورواه الترمذيّ ثم قال : هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن أسامة بن زيد.
رواه الحاكم وصححه، وروى البخاريّ عن عطاء عن ابن عباس في هذه الآية قال : كان رجل في غنيمة له، فلحقه المسلمون فقال : السلام عليكم، فقتلوه، وأخذوا غنيمته، فأنزل الله في ذلك.... إلى قوله : عرض الحياة الدنيا :( تلك الغنيمة ).