وقال الحافظ ابن حجر في " الفتح " : في الآية دليل على أن من أظهر شيئاً من علامات الإسلام لم يحل دمه حتى يختبر أمره، لأن السلام تحية المسلمين، وكان تحيتهم في الجاهلية بخلاف ذلك، فكان هذه علامة، وأما على قراءة ( السلم ) بفتحتين، أو بكسر فسكون، فالمراد به الانقياد، وهو علامة الإسلام. انتهى.
وقال بعض مفسري الزيدية : ثمرة الآية الكريمة وجوب الثبت والتأني فيما يحتمل الحظر والإباحة، لقوله : فَتَبَيَّنُوا ( بالنون ) وهذه قراءة الأكثر، وحمزة والكسائي قراءتهما :( فتثبتوا ) من ( الثبات )، ويدخل في هذا أحكام كثيرة من الاعتقادات والأخبار والأفعال من الأحكام وسائر الأعمال، فهذا حكم، والحكم الثاني أنه يجب الأخذ بالظاهر، فمن أظهر الإسلام أو شيئاً من شعائر الإسلام، لا يكذّب بل يقبل منه، ويدخل، في هذا، الملحد والمنافق، وهذا هو مذهبنا والأكثر، ويدخل في هذا قبول توبة المرتد، خلافاً لأحمد، وقبول توبة الزنديق، وهذا قول عامة الأئمة.
وقال مالك : لا تقبل، لأن هذا عين مذهبهم أنهم يظهرون خلاف ما يبطنون.
قال الراضي بالله والإمام يحيى : إن أظهروا ما يعتادون إخفاءه قبلت توبتهم، وإلا فلا، قال عليّ خليل : تقبل توبتهم، ولو عرفنا من باطنهم خلاف ما أظهروا، كما قبل النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم من المنافقين، وقد أخبر الله تعالى بكفرهم.
وقال أبو مضر : تقبل ما لم يعرف كذبهم، وهذا الخلاف في الظاهر، وأما عند الله، إذا صدق، فهي مقبولة وفاقاً.


الصفحة التالية
Icon