قال الحاكم : وتدل على التوصل بالسبب المحرم إلى المال لا يجوز و وقد ذكر العلماء صوراً في التوصل إلى المباح بالمحظور مختلفة، ذكرت في غير هذا الموضع، والحجة هنا من قوله تعالى :﴿ تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا ﴾ لأن الذي قصد هنا أخذه، محظور، لأن إظهار الإسلام يحقن النفس والمال، فذلك توصل بمحظور إلى محظور، وقوله تعالى :﴿ لمنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً ﴾ قرئ ( السلم ) وهذه قراءة نافع وحمزة وابن عامر بغير ألف وهو الاستسلام، وقيل : إظهار الإسلام، وقرأ الباقون :( السلام ) بألف وهو التحية. انتهى.
وقال أبو منصور في " التأويلات " : فيه الأمر بالتثبت عند الشبهة، والنهي عن الإقدام عندها، وهكذا الواجب على المؤمن الوقف عند اعتراض الشبهة في كل فعل وكل خبر، لأن الله تعالى أمر بالتثبت في الأعمال بقوله :﴿ فَتَبَيّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لمنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً ﴾ وقال في الخبر :﴿ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيّنُوا ﴾ [ الحجرات : من الآية ٦ ]، أمر بالتثبت في الأخبار عند الشبهة، كما أمر في الأفعال لنبيه صَلّى اللهُ عليّه وسلّم :﴿ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلم ﴾ [ الإسراء : من الآية ٣٦ ]، وفي الآية دليل فساد قول المعتزلة، لأنه نهاهم أن يقولوا ( لمن قال : إني مسلم ) لست مؤمناً، وهم يقولون صاحب الكبيرة ليس بمؤمن، وهو يقول ألف مرة ( على المثل ) أني مسلم، فإذا نهى أن يقولوا : ليس بمؤمن، أمرهم أن يقولوا : هو مؤمن، فيقال لهم : أنتم أعلم أم الله ؟ على ما قيل لأولئك. انتهى.