وقوله: ﴿مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ...﴾
إلا كبعث نفس واحدة. أضمر البعث لأنه فعل ؛ كما قال ﴿تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كالذِى يُغْشَى عَلَيْهِ (مِنَ المَوْتِ)﴾ المعنى - والله أعلم -: كدوران عين الذى يُغشى عليه / ب من الموت، فأضمر الدوران والعين جميعاً.
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾
وقوله: ﴿بِنِعْمَةِ اللَّهِ...﴾
وقد قرئِتْ ﴿بنعِمَاتِ الله﴾ وقلَّما تفعل العرب ذلكَ بِفعِلةٍ: أن تُجمع عَلى التاء إنّما يجمعونها على فِعَلٍ ؛ مثل سِدْرة وسِدَر، وخِرقة وخِرَق. وإنّما كرهوا جمعه بالتاء لأنهم يُلزمون أنفسهم كسرَ ثانية إذا جُمع ؛ كما جمعُوا ظُلْمة ظُلُمات فرفعوا ثانَيها إتباعاً لرَفعة أوَّلها، وكما قالوا: حَسراتٌ فأَتبَعُوا ثانيها أولها. فلمَّا لزمهم أَن يقولوا: بِنِعِمات استثقلوا أن تتوالى كسرتان فى كلامهم ؛ لأنا لم نجد ذلكَ إلاَّ فى الإبل وحدها. وقد احتمله بعض العرب فقال: نِعِماتٌ وسِدِراتٌ.
﴿ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ﴾
وقوله: ﴿كُلُّ خَتَّارٍ...﴾
الختَّار: الغدَّار وقوله ﴿مَوْجٌ كالظُلَلِ﴾ فشبّهه بالظلل والموج واحد لأن الموج يركب بعضهُ بعضاً، ويأتى شىءٌ بعد شىء فقال ﴿كالظُلَل﴾ يعنى السحاب.
﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَاخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾


الصفحة التالية
Icon