يحدث بها قريشا ويقول لهم إن محمدا يحدثكم عن عاد وثمود وأنا أحدثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة، ويشتري لهم القينات والمغنيين ويجمعهم إليه صباح مساء ليسمعهم تلك الأساطير والغناء من القيّنات والزمر والمعازف من المغنين لئلا يجتمعوا إلى محمد ويسمعوا كلام اللّه، ومن هذا يعلم كثافة جهله لأن محمدا صلّى اللّه عليه وسلم يأتيهم بشيء قديم لا يعلمه العرب ولا العجم ولا آباؤهم من المغيبات والأحكام والقصص والأخبار والأمثال والحدود مما لم يكن في قرنهم الذين هم فيه ولا الذي قبله، أما أخبار الأكاسرة وما في كليلة ودمنة فهي أمور واقعة في قرنهم وزمنهم وأخبارها متناقلة فيما بينهم غير خافية على آبائهم الموجودين معهم ومثل هذا لا يعد غيبا ولا معجزا ولا يصح أن يتحدى به لأن كثيرا منهم من يحسن نظم مثله بخلاف آيات اللّه التي هي من الغيب ولا يقدر أحد أن يأتي بمثلها لأنها مما يعجز عنه البشر، روى البغوي بإسناد الثعلبي عن أبي أمامة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا يحل تعليم المغنيات (الغناء) ولا بيعهن (ليغنين) وأثمانهن حرام وفي مثل هذا نزلت (وَمِنَ النَّاسِ) الآية وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث اللّه تعالى له شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت - أخرجه الترمذي - ولفظه عن أبي أمامة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : لا تبيعوا القينات المغنيات ولا تشتروهن ولا خير في تجارتهن وثمنهن حرام وفي مثل هذا نزلت (وَمِنَ النَّاسِ) الآية إلخ.
وجاء عن أنس رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من استمع إلى قينة صبّ في آذانه الآنك (الرصاص المذاب) يوم القيامة.
ولا شك أن الغناء مفسدة للقلب منفذة للمال مسخطة للرب وكلما أشغل عن ذكر اللّه تعالى فهو لهو ولغو واللّه تعالى يقول :