وهكذا ترى أن لكل زوجة من أزواجه ( ﷺ ) قصة وسببا في زواجه منها. وهن فيمن عدا زينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، لم يكن شواب ولا ممن يرغب فيهن الرجال لجمال. وكانت عائشة - رضي الله عنها - هي أحب نسائه إليه. وحتى هاتان اللتان عرف عنهما الجمال والشباب كان هناك عامل نفسي وإنساني آخر - إلى جانب جاذبيتهن - ولست أحاول أن أنفي عنصر الجاذبية الذي لحظته عائشة في جويرية مثلا، ولا عنصر الجمال الذي عرفت به زينب. فلا حاجة أبدا إلى نفي مثل هذه العناصر الإنسانية من حياة النبي ( ﷺ ) وليست هذه العناصر موضع اتهام يدفعه الأنصار عن نبيهم. إذا حلا لأعدائه أن يتهموه ! فقد اختير ليكون إنسانا. ولكن إنسانا رفيعا. وهكذا كان. وهكذا كانت دوافعه فيحياته وفي أزواجه ( ﷺ ) على اختلاف الدوافع والأسباب.
ولقد عاش في بيته مع أزواجه بشرا رسولا كما خلقه الله، وكما أمره أن يقول: (قل: سبحان ربي ! هل كنت إلا بشرا رسولا ؟)..
استمتع بأزواجه وأمتعهن، كما قالت عائشة - رضي الله عنها - عنه:" كان إذا خلا بنسائه ألين الناس. وأكرم الناس ضحاكا بساما ".. ولكنه إنما كان يستمتع بهن ويمتعهن من ذات نفسه، ومن فيض قلبه، ومن حسن أدبه، ومن كريم معاملته. فأما حياتهن المادية فكانت في غالبها كفافا حتى بعد أن فتحت له الفتوح وتبحبح المسلمون بالغنائم والفيء. وقد سبق في سورة الأحزاب قصة طلبهن الوسعة في النفقة، وما أعقب هذا الطلب من أزمة، انتهت بتخييرهن بين الله ورسوله والدار الآخرة، أو المتاع والتسريح من عصمته ( ﷺ ) فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة.


الصفحة التالية
Icon