فصل فى معانى السورة كاملة


قال الشيخ المراغى رحمه الله :
سورة الفجر
(وَالْفَجْرِ) الفجر هو الوقت الذي ينشق فيه الضوء، وينفجر النور، وقد أقسم ربنا به، لما يحصل فيه من انقضاء الليل، وظهور الضوء، وما يترتب على ذلك من المنافع كانتشار الناس وسائر الحيوان من الطير والوحش لطلب الرزق، وهو كقوله :
" وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ " وقوله :" وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ".
(وَلَيالٍ عَشْرٍ) هى عشر ليال يتشابه حالها مع حال الفجر، فيكون ضوء القمر فيها مطارد الظلام الليل إلى أن تغلبه الظلمة، كما يهزم ضوء الصبح ظلمة الليل حتى يسطع النهار، ولا يزال الضوء منتشرا إلى الليل الذي بعده.
وضوء الأهلة فى عشر ليال من أول كل شهر يشق الظلام، ثم لا يزال الليل يغالبه إلى أن يغلبه، فيسدل على الكون حجبه، وهذه الليالى العشر غير متعينة فى كل شهر فإن ضوء الهلال قد يظهر حتى تغلبه الظلمة فى أول ليلة من الشهر.
وقد يكون ضئيلا يغيب ضوؤه فى الشفق فلا يعدّ شيئا.
والخلاصة - إن الليالى العشر تارة تبتدئ من أول ليلة، وأخرى من الليلة الثانية.
(وَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) أي والزوج والفرد من هذه الليالى فهو سبحانه أقسم بالليالي جملة ثم أقسم بما حوته من زوج وفرد.
وبعد أن أقسم بضروب من الضياء أقسم بالليل مرادا منه الظلمة فقال :
(وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) أي والليل إذا يمضى ويذهب، وهو كقوله :" وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ " وقوله :" وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ ".
(هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) الحجر (بكسر الحاء وسكون الجيم) العقل، ويقولون : فلان ذو حجر : إذا كان قاهرا لنفسه، ضابطا لها، مضيّقا عليها.
والمراد أن من كان ذا لبّ وعقل يفطن إلى أن فى القسم بهذه المخلوقات المشتملة على باهر الحكمة، وعجيب الصنعة، الدالة على وحدانية صانعها - مقنعا أيّما مقنع، وكفاية أعظم كفاية.


الصفحة التالية
Icon