بهنّ فَلولٌ مِن قِراع الكتائبِ
تَقُدَّ السَّلُوقِيَّ المضاعَف نَسْجُه...
وتُوقِد بالصُّفَّاحِ نارَ الحُباحِبِ
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (٣)
الخيل تغِير على العدو عند الصبح ؛ عن ابن عباس وأكثرِ المفسرين.
وكانوا إذا أرادوا الغارة سَرَوْا ليلاً، ويأتون العدوّ صبحاً ؛ لأن ذلك وقت غفلة الناس.
ومنه قوله تعالى :﴿ فَسَآءَ صَبَاحُ المنذرين ﴾ [ الصافات : ١٧٧ ].
وقيل : لعِزهم أغاروا نهاراً، و"صُبْحاً" على هذا، أي علانية، تشبيهاً بظهور الصبح.
وقال ابن مسعود وعليّ رضي الله عنهما : هي الإبل تدفع بركبانها يوم النحر من مِنى إلى جَمْع.
والسنة ألا تَدْفع حتى تصبح ؛ وقاله القُرَظِيّ.
والإغارة : سرعة السير ؛ ومنه قولهم : أشرِقْ ثَبِير، كيما نُغِير.
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (٤)
أي غباراً ؛ يعني الخيل تثير الغبار بشدّة العدو في المكان الذي أغارت به.
قال عبد الله بن رواحة :
عدِمْتُ بُنَيَّتِي إن لم تَرَوْها...
تُثِير النَّقْعَ من كَنَفَيْ كَداءِ
والكناية في "به" ترجع إلى المكان أو إلى الموضع الذي تقع فيه الإغارة.
وإذا عُلِم المعنى جاز أن يكنى عما لم يجر له ذكر بالتصريح ؛ كما قال ؛ ﴿ حتى تَوَارَتْ بالحجاب ﴾ [ ص : ٣٢ ].
وقيل :﴿ فَأَثَرْنَ بِهِ ﴾، أي بالعَدْو ﴿ نَقْعاً ﴾.
وقد تقدّم ذكر العَدْو.
وقيل : النقع : ما بين مزدلِفة إلى مِنى ؛ قاله محمد بن كعب القُرَظِيّ.
وقيل : إنه طريق الوادي ؛ ولعله يرجع إلى الغبار المثار من هذا الموضع.
وفي الصحاح : النقع : الغبار، والجمع : نِقاع.
والنقع : محبِس الماء، وكذلك ما اجتمع في البئر منه.
وفي الحديث : أنه نهى أن يمنع نقع البئر.
والنقع الأرض الحرّة الطين يستنقع فيها الماء ؛ والجمع : نِقاع وأنقع ؛ مثل بحر وبِحار وأبحر.


الصفحة التالية
Icon