وقرأ علي رضي الله عنه "فَوَسَّطْن" بالتشديد، وهي قراءة قتادة وابن مسعود وأبي رجاء ؛ لغتان بمعنى، يقال : وسَّطْتُ القوم ( بالتشديد والتخفيف ) وتَوَسَّطتُهُمْ : بمعنى واحد.
وقيل : معنى التشديد : جعلها الجمع قسمين.
والتخفيف : صِرْن في وسط الجمع ؛ وهما يرجعان إلى معنى الجمع.
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦)
هذا جواب القسم ؛ أي طبع الإنسان على كفران النعمة.
قال ابن عباس :﴿ لَكَنُودٌ ﴾ لكفور جَحُود لنعم الله.
وكذلك قال الحسن.
وقال : يذكر المصائب وينسى النعم.
أخذه الشاعر فنظمه :
ياأيها الظالمُ في فِعْلِهِ...
والظُّلْم مردود على مَنْ ظَلَمْ
إلى متى أَنْتَ وحَتَّى متى...
تشكو المُصيباتِ وتنسى النعم!
وروى أبو أُمامة الباهِلِيّ : قال : قال رسول الله ﷺ :" الكَنُود، هو الذي يأكل وَحْدَه، ويمنع رِفْده، ويضرب عَبْدَه " وروى ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :" أَلاَ أُنبِّئُكُمْ بشرارِكُمْ"؟ قالوا : بلى يا رسول الله.
قال :"من نَزَل وحدَه، ومنع رِفْدَه، وجَلَد عبدَه" " خرجهما الترمذي الحكيم في نوادر الأصول.
وقد روي عن ابن عباس أيضاً أنه قال : الكَنود بلسان كِندة وحضرموت : العاصي، وبلسان ربيعة ومضر : الكفور.
وبلسان كِنانة : البخيل السَّيّء المَلَكة ؛ وقاله مقاتل.
وقال الشاعر :
كَنود لِنَعماء الرجالِ ومَنْ يكن...
كَنوداً لنعماء الرجال يُبَعَّدِ
أي كفور.
ثم قيل : هو الذي يكفر اليسير، ولا يشكر الكثير.
وقيل : الجاحد للحق.
وقيل : إنما سميت كِنْدَة كِندة، لأنها جحدتْ أباها.
وقال إبراهيم بن هَرْمَة الشاعر :
دعِ البخلاءَ إن شمخُوا وصَدُّوا...
وذِكَرى بُخْل غانيةٍ كَنودِ
وقيل : الكَنود : من كَند إذا قطع ؛ كأنه يقطع ما ينبغي أنّ يواصله من الشكر.
ويقال : كَنَد الحبلَ : إذا قطعه.
قال الأعشى :
أمِيطِي تُمِيطي بصُلْبِ الفؤادِ...