فقال :﴿قُلْ يا أيها الكافرون لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾
وسابعها : الكفار قالوا فيه السوء، فهو تعالى زجرهم عن ذلك، وأجابهم وقال :﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر﴾ [ الكوثر : ٣ ] وكأنه تعالى قال : حين ذكروك بسوء، فأنا كنت المجيب بنفسي، فحين ذكروني بالسوء وأثبتوا لي الشركاء، فكن أنت المجيب :﴿قُلْ يا أَيُّهَا الكافرون لاَ أَعْبُدُ مَا تعبدون﴾
وثامنها : أنهم سموك أبتر، فإن شئت أن تستوفي منهم القصاص، فاذكرهم بوصف ذم بحيث تكون صادقاً فيه :﴿قُلْ يا أيهالكافرون﴾ لكن الفرق أنهم عابوك بما ليس من فعلك وأنت تعيبهم بما هو فعلهم
وتاسعها : أن بتقدير أن تقول : يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدونه، والكفار يقولون : هذا كلام ربك أم كلامك، فإن كان كلام ربك فربك يقول : أنا لا أعبد هذه الأصنام، ونحن لا نطلب هذه العبادة من ربك إنما نطلبها منك، وإن كان هذا كلامك فأنت قلت من عند نفسك إني لا أعبد هذه الأصنام، فلم قلت : إن ربك هو الذي أمرك بذلك، أما لما قال : قل، سقط هذا الاعتراض لأن قوله :﴿قُلْ﴾ يدل على أنه مأمور من عند الله تعالى بأن لا يعبدها ويتبرأ منها
وعاشرها : أنه لو أنزل قوله :﴿يا أيها الكافرون﴾ لكان يقرؤها عليهم لا محالة، لأنه لا يجوز أن يخون في الوحي إلا أنه لما قال :﴿قُلْ﴾ كان ذلك كالتأكيد في إيجاب تبليغ هذا الوحي إليهم، والتأكيد يدل على أن ذلك الأمر أمر عظيم.


الصفحة التالية
Icon