داعياً لهم إلى البحث والنظر والبراءة عن الكفر
الخامس عشر : كأنه تعالى يقول : ألسنا بينا في سورة :﴿والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر﴾ وفي سورة الكوثر :﴿إِنَّا أعطيناك الكوثر﴾ وأتيت بالإيمان والأعمال الصالحات، بمقتضى قولنا :﴿فَصَلّ لِرَبّكَ وانحر﴾ بقي عليك التواصي بالحق والتواصي بالصبر، وذلك هو أن تمنعهم بلسانك وبرهانك عن عبادة غير الله، فقل : قل يا أيها الكافرون
السادس عشر : كأنه تعالى يقول : يا محمد أنسيت أنني لما أخرت الوحي عليك مدة قليلة، قال الكافرون : إنه ودعه ربه وقلاه، فشق عليك ذلك غاية المشقة، حتى أنزلت عليك السورة، وأقسمت بالضحى : والليل إذا سجى أنه ما ودعك ربك وما قلى فلما لم تستجز أن أتركك شهراً ولم يطب قلبك حتى ناديت في العالم بأنه : ما ودعك ربك وما قلى أفتستجيز أن تتركني شهراً وتشتغل بعبادة آلهتهم فلما ناديت بنفي تلك التهمة، فناد أنت أيضاً في العالم بنفي هذه التهمة و : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون،
السابع عشر : لما سألوا منه أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدوا إلهه سنة، فهو عليه السلام سكت ولم يقل شيئاً، لا لأنه جوز في قلبه أن يكون الذي قالوه حقاً، فإنه كان قاطعاً بفساد ما قالوه لكنه عليه السلام، توقف في أنه بماذا يجيبهم ؟ أبأن يقيم الدلائل العقلية على امتناع ذلك أو بأن يزجرهم بالسيف أو بأن ينزل الله عليهم عذاباً، فاغتنم الكفار ذلك السكوت وقالوا : إن محمداً مال إلى ديننا، فكأنه تعالى قال : يا محمد إن توقفك عن الجواب في نفس الأمر حق ولكنه أوهم باطلاً، فتدارك إزالة ذلك الباطل، وصرح بما هو الحق و : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون
الثامن عشر : أنه عليه السلام لما قال له ربه ليلة المعراج : أثن علي استولى عليه هيبة الحضرة الإلهية فقال : لا أحصي ثناء عليك،


الصفحة التالية
Icon