فقل :﴿ يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ﴾
الخامس والعشرون : كأنه تعالى يقول : القوم جاؤك وأطمعوك في متابعتهم لك ومتابعتك لدينهم فسكت عن الإنكار والرد، ألست أنا جعلت البيعة معك بيعة معي حيث قلت :﴿إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله﴾ [ الفتح : ١٠ ] وجعلت متابعتك متابعة لي حيث قلت :﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعونى يُحْبِبْكُمُ الله﴾ [ آل عمران : ٣١ ] ثم إني ناديت في العالمين وقلت :﴿أَنَّ الله بَرِىء منَ المشركين وَرَسُولُهُ﴾ [ التوبة : ٣ ] فصرح أنت أيضاً بذلك، و : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون،
السادس والعشرون : كأنه تعالى يقول : ألست أرأف بك من الولد بولده، ثم العرى والجوع مع الوالد أحسن من الشبع مع الأجانب، كيف والجوع لهم لأن أصنامهم جائعة عن الحياة عارية عن الصفات وهم جائعون عن العلم عارون عن التقوى، فقد جربتني، ألم أجدك يتيماً وضالاً وعائلاً، ألم نشرح لك صدرك، ألم أعطك بالصديق خزينة وبالفاروق هيبة وبعثمان معونة، وبعلي علماً، ألم أكف أصحاب الفيل حين حاولوا تخريب بلدتك، ألم أكف أسلافك رحلة الشتاء والصيف، ألم أعطك الكوثر، ألم أضمن أن خصمك أبتر، ألم يقل جدك في هذه الأصنام بعد تخريبها :﴿لِمَ تَعْبُدُ مَالاً يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً﴾ [ مريم : ٤٢ ] فصرح بالبراءة عنها و : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون
السابع والعشرون : كأنه تعالى يقول : يا محمد ألست قد أنزلت عليك :﴿فاذكروا الله كَذِكْرِكُمْ ءابَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [ البقرة : ٢٠٠ ] ثم إن واحداً لو نسبك إلى والِدَين لغضبت ولأظهرت الإنكار ولبالغت فيه، حتى قلت :" ولدت من نكاح ولم أولد من سفاح " فإذا لم تسكت عند التشريك في الولادة، فكيف سكت عند التشريك في العبادة! (١) بل أظهر الإنكار، وبالغ في التصريح به، و : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون،
_________
(١) ما سكت قط ﷺ فى مثل هذه الأمور.