وطاعة العدو
الثالث والثلاثون : يا محمد ألست قلت لعمر : رأيت قصراً في الجنة، فقلت : لمن ؟ فقيل : لفتى من قريش، فقلت : من هو، فقالوا : عمر فخشيت غيرتك فلم أدخلها حتى قال عمر : أو أغار عليك يا رسول الله، فكأنه تعالى قال : خشيت غيرة عمر فما دخلت قصره أفما تخشى غيرتي في أن تدخل قلبك طاعة غيري، ثم هناك أظهرت الامتناع فههنا أيضاً أظهر الامتناع و : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، الرابع والثلاثون : أترى أن نعمتي عليك دون نعمة الوالدة، ألم أربك ؟ ألم أخلقك ؟ ألم أرزقك ؟ ألم أعطك الحياة والقدرة والعقل والهداية والتوفيق ؟ ثم حين كنت طفلاً عديم العقل وعرفت تربية الأم فلو أخذتك امرأة أجمل وأحسن وأكرم من أمك لأظهرت النفرة ولبكيت ولو أعطتك الثدي لسددت فمك تقول لا أريد غير الأم لأنها أول المنعم علي، فههنا أولى أن تظهر النفرة فتقول : لا أعبد سوى ربي لأنه أول منعم علي فقل :﴿يا أَيُّهَا الكافرون لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ الخامس والثلاثون : نعمة الإطعام دون نعمة العقل والنبوة، ثم قد عرفت أن الشاة والكلب لا ينسيان نعمة الإطعام ولا يميلان إلى غير من أطعهما فكيف يليق بالعاقل أن ينسى نعمة الإيجاد والإحسان فكيف في حق أفضل الخلق :﴿قُلْ يا أَيُّهَا الكافرون لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ السادس والثلاثون : مذهب الشافعي أنه يثبت حق الفرقة بواسطة الإعسار بالنفقة فإذا لم تجد من الأنصار تربية حصلت لك حق الفرقة لو كنت متصلاً بها، لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً فبتقدير أن كنت متصلاً بها، كان يجب أن تنفصل عنها وتتركها، فكيف وما كنت متصلاً بها أيليق بك أن تقرب الاتصال بها قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون السابع والثلاثون : هؤلاء الكفار لفرط حماقتهم ظنوا أن الكثرة في الإلهية كالكثرة في المال يزيد به الغني وليس الأمر كذلك بل هو كالكثرة في العيال تزيد به الحاجة فقل


الصفحة التالية
Icon