فنزلت هذه السورة وقال مقاتل : نزلت في المستهزئين وذلك أن النبي ﷺ لما قرأ سورة النجم وجرى على لسانه ما جرى فقال أبو جهل أخزاه الله لا يفارقنا إلا على أحد أمرين ندخل معك في بعض ما تعبد وتدخل معنا في بعض ديننا أو نتبرأ من آلهتنا وتتبرأ من إلهك فنزلت هذه السورة، وقال الكلبي : إنهم أتوا العباس فقالوا له : لو أن ابن أخيك استلم بعض آلهتنا لصدقناه بما يقول وآمنا به فنزل ﴿ قُلْ يا أيها الكافرون ﴾، ويقال إنهم اجتمعوا إلى أبي طالب وقالوا له : إن ابن أخيك يؤذينا ونحن لا نؤذيه بحرمتك فدعاه أبو طالب وذكر ذلك له فقال رسول الله ﷺ :" إنَّما أَدْعُوهُمْ إِلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ " فقال ما هي؟ قال :" لاَ إله إلاَّ الله " فنفروا عن هذه الكلمة فنزلت ﴿ قُلْ يا أيها الكافرون ﴾ يعني : قل يا محمد لأهل مكة ﴿ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ يعني :﴿ لاَ أَعْبُدُ ﴾ بعد هذا ﴿ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ أنتم من الأوثان ولا أرجع إلى دينكم ﴿ وَلاَ أَنتُمْ عابدون مَا أَعْبُدُ ﴾ يعني : لا تعبدون أنتم بعد هذا الرب الذي أعبده أنا حتى ترون ما يستقبلكم غداً وهذا كقوله عز وجل :﴿ وَقُلِ الحق مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كالمهل يَشْوِى الوجوه بِئْسَ الشراب وَسَآءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [ الكهف : ٢٩ ] قوله تعالى :﴿ وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ﴾ يعني : لست أنا في الحال عابداً لأصنامكم وما كنت عابداً لها قبل هذا لأني علمت مضرة عبادتها ﴿ وَلاَ أَنتُمْ عابدون مَا أَعْبُدُ ﴾ يعني : لستم عابدين في الحال لجهلكم وغفلتكم وقلة عقلكم.