ومعنى ذلك، أن النبي ( ﷺ ) كان مأموراً بتبليغ الرّسالة بجميع ما أوحي إليه فلما قال الله تعالى ﴿ قل يا أيها الكافرون ﴾ أداه النبي ( ﷺ ) كما سمعه من جبريل عليه السّلام فكأنه ( ﷺ ) قال أمرت بتبليغ جميع ما أنزل الله عليّ، وكان فيما نزل عليه ﴿ قل يا أيها الكافرون ﴾ وقيل إن النّفوس تأبى سماع الكلام الغليظ الشّنيع من النّظير، ولا أشنع ولا أغلظ من المخاطبة بالكفر فكأنه ( ﷺ ) قال ليس هذا من عندي إنما هو من عند الله عزّ وجلّ وقد أنزل الله عليَّ قل يا أيها الكافرون والمخاطبون بقوله يا أيّها الكافرون كفرة مخصوصون قد سبق في علم الله أنهم لا يؤمنون ﴿ لا أعبد ما تعبدون ﴾ في معنى الآية قولان : أحدهما أنه لا تكرار فيها، فيكون المعنى لا أعبد ما تعبدون لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم ﴿ ولا أنتم عابدون ما أعبد ﴾ أي ولا أنتم فاعلون في المستقبل ما أطلبه منكم من عبادة إلهي ثم قال ﴿ ولا أنا عابد ما عبدتم ﴾ أي ولست في الحال بعابد معبودكم ﴿ ولا أنتم عابدون ما أعبد ﴾ أي ولا أنتم في الحال بعابدين معبودي وقيل يحتمل أن يكون الأول للحال، والثاني للاستقبال، وقيل يصلح كل واحد منهما أن يكون للحال، والاستقبال، ولكن يختص أحدهما بالحال والثاني للاستقبال لأنه أخبر أولاً عن الحال ثم أخبر ثانياً عن الاستقبال، فيكون المعنى لا أعبد ما تعبدون في الحال ولا أنتم عابدون ما أعبد في الاستقبال وما بمعنى من أي من أعبد ويحتمل أن تكون بمعنى الذي أي الذي أعبد.