[الزمر : ٦٤] فتارة وصفهم بالجهل وتارة خاطبهم بالكفر، فالجهل كالشجرة والكفر كالثمرة، ولكن الكفر أشنع من الجهل، فقد يكون الجهل غير ضارّ كما روي أنه ﷺ قال في علم الأنساب " علم لا ينفع ولا يضر " ولهذا خصت السورة بهذا الخطاب لأنها بأسرها فيهم. وروي عن علي عليه السلام أن " يا " نداء النفس " و " أي " نداء القلب و " ها " نداء الروح. وبوجه آخر " يا " للغائب و " أي " للحاضر و " ها " للتنبيه. كان الله تعالى يقول أدعوك ثلاثاً ولا تجيبني مرة ما هذا إلا لجلهلك بحقي. ثم الخطاب مع جميع الكفار أو مع بعضهم، وعلى الأول يدخله التخصيص لا محالة لأن فيهم من يعبد الله كأهل الكتاب فلا يجوز أن يقول لهم ﴿ لا أعبد ما تعبدون ﴾ وفيهم من آمن بعد ذلك فلا يجوز أن يخبر عنهم بقوله ﴿ ولا أنتم عابدون ما أعبد ﴾ وعلى الثاني يكون خطاباً لبعض الكفرة المعهودين الحاضرين وهو الذين قالوا نعبد إلهك سنة وتعبد إلهنا سنة، ولا يلزم التخصيص فيكون أولى. أما ظاهر التكرار الذي وقع في هذه السورة ففيه قولان : أحدهما أنه للتأكيد وأىّ موضع أحوج إلى التأكيد من هذا المقام فإنهم رجعوا إلى النبي ﷺ فيما طلبوا منه مراراً، وسكت الرسول ﷺ عن الجواب فوقع في قلوبهم أنه قد مال إلى دينهم بعض الميل.


الصفحة التالية
Icon