البحر المحيط، ج ٢، ص : ٢٠٠
بذلك، لأن الآية جاءت في سياق ما قبلها، فدخل فيها ما قبلها دخولا لا يمكن أن يخرج منها، وفي (المنتخب) يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ كاف عن قوله : وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وإنما كرر توكيدا. انتهى.
وقرأ أبو جعفر، ويحيى بن وثاب، وابن هرمذ، وعيسى بن عمر : اليسر والعسر، بضم السين فيهما، والباقون بالإسكان.
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ : قرأ أبو بكر، وأبو عمرو بخلاف عنهما، وروي : مشدد الميم مفتوح الكاف، والباقون بالتخفيف وإسكان الكاف، وفي اللام أقوال.
الأول : قال ابن عطية : هي اللام الداخلة على المفعول، كالتي في قولك : ضربت لزيد، المعنى، ويريد إكمال العدة، وهي مع الفعل مقدرة بأن، كأن الكلام : ويريد لأن تكلموا العدة، هذا قول البصريين، ونحوه، قول أبي صخر.
أريد لأنسى ذكرها فكأنما تخيل لي ليلى بكل طريق
انتهى كلامه. وهو كما جوّزه الزمخشري. قال : كأنه قيل : يريد اللّه بكم اليسر، ويريد لتكملوا، لقوله : يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا «١» وفي كلامه أنه معطوف على اليسر، وملخص هذا القول : أن اللام جاءت في المفعول المؤخر عن الفعل، وهو مما نصوا على أنه قليل، أو ضرورة، لكن يحسن ذلك هنا، بعده عن الفعل بالفصل، فكأنه لما أخذ الفعل مفعوله، وهو : اليسر، وفصل بينهما بجملة وهي : ولا يريد بكم العسر، بعد الفعل عن اقتضائه، فقوي باللام، كحاله إذا تقدم فقلت لزيد ضربت، لأنه بالتقدم وتأخر العامل ضعف العامل عن الوصول إليه، فقوي باللام، إذ أصل العامل أن يتقدم، وأصل المعمول أن يتأخر عنه، لكن في هذا القول إضمار إن بعد اللام الزائدة، وفيه بعد. وفي كلام ابن عطية تتبع، وهو في قوله : وهي، يعني باللام مع الفعل، يعني تكملوا مقدرة بأن، وليس كذلك، بل أن مضمرة بعدها واللام حرف جر، ويبين ذلك أنه قال : كأن الكلام : ويريد لأن تكملوا العدة، فأظهر أن بعد اللام، فتصحيح لفظه أن تقول : وهي مع الفعل مقدران بعدها، وقوله : هذا قول البصريين ونحوه، قول أبي صخر :
(١) سورة الصف : ٦١/ ٨.