البحر المحيط، ج ٢، ص : ٢٠١
أريد لانسى ذكرها...
ليس كما ذكر، بل ذلك مذهب الكسائي والفراء، زعما أن العرب تجعل لام كي في موضع أن في أردت وأمرت. قال تعالى : يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ «١» يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا «٢» وأَنْ يُطْفِؤُا «٣» إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ «٤». وقال الشاعر :
أريد لأنسى ذكرها...
وقال تعالى : وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ «٥» وأَنْ أُسْلِمَ «٦» وذهب سيبويه وأصحابه إلى أن اللام هنا باقية على حالها وأن مضمرة بعدها، لكن الفعل قبلها يقدره بمصدر، كأنه قال :
الإرادة للتبيين، وإرادتي لهذا، وذهب بعض الناس إلى زيادة اللام، وقد أمعنا الكلام على هذه المسألة في كتاب (التكميل في شرح التسهيل) فتطالع هناك.
وتلخص مما ذكرناه أن ما قال : من أنه قول البصريين ليس كما قال : إنما يتمشى قوله : وهي، مع الفعل مقدرة بأن على قول الكسائي والفراء، لا على قول البصريين.
وتناقض قول ابن عطية أيضا لأنه قال : هي اللام الداخلة على المفعول كالتي في قولك :
ضربت لزيد، المعنى، ويريد إكمال العدة. ثم قال : وهي مع الفعل مقدرة بأن، فمن حيث جعلها الداخلة على المفعول لا يكون جزءا من المفعول، ومن حيث قدرها بأن كانت جزءا من المفعول، لأن المفعول إنما ينسبك منها مع الفعل، فهي جزء له، والشيء الواحد لا يكون جزءا لشيء غير جزء له، فتناقض.
وأما تجويز الزمخشري أن يكون معطوفا على : اليسر، فلا يمكن إلّا بزيادة اللام وإضمار : أن، بعدها، أو يجعل اللام لمعنى : أن، فلا تكون أن مضمرة بعدها، وكلاهما ضعيف.
القول الثاني : أن تكون اللام في وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ لام الأمر قال ابن عطية، ويحتمل أن تكون هذه اللام لام الأمر والواو عاطفة جملة كلام على جملة كلام. انتهى كلامه. ولم يذكر هذا الوجه فيما وقفنا عليه غير ابن عطية، ويضعف هذا القول أن النحويين قالوا : أمر الفاعل المخاطب فيه التفات، قالوا : أحدهما لغة رديئة قليلة، وهو إقرار تاء الخطاب ولام

_
(١) سورة النساء : ٤/ ٢٦.
(٢) سورة الصف : ٦١/ ٨.
(٣) سورة التوبة : ٩/ ٣٢.
(٤) سورة الأحزاب : ٣٣/ ٣٣. [.....]
(٥) سورة الأنعام : ٦/ ٧١.
(٦) سورة غافر : ٤٠/ ٦٦.


الصفحة التالية
Icon