البحر المحيط، ج ٢، ص : ٢٠٢
الأمر قبلها، واللغة الأخرى هي الجيدة الفصيحة، وهو، أن يكون الفعل عاريا من حرف المضارعة ومن اللام، ويضعف هذا القول أيضا أنه لم يؤثر على أحد من القراء أنه قرأ بإسكان هذه اللام، فلو كانت لام الأمر لكانت كسائر أخواتها من القراءة بالوجهين فيها، فدل ذلك على أنها لام الجر لا لام الأمر، وقول ابن عطية : والواو عاطفة جملة كلام على جملة كلام، يعني : أنها إذا كانت اللام للأمر كان العطف من قبيل الجمل، وإذا كانت كاللام في : ضربت لزيد، كانت من قبل عطف المفردات.
القول الثالث : أن تكون اللام للتعليل، واختلف قائلو هذا القول على أقوال.
أحدها : أن تكون الواو عاطفة على علة محذوفة، التقدير : لتعملوا ما تعملون ولتكملوا العدة، قاله الزمخشري. ويكون هذا الفعل المعلل على هذا القول : إرادة اليسر. الثاني :
أن يكون بعد الواو فعل محذوف هو المعلل، التقدير : وفعل هذا لتكملوا العدة، قاله الفراء. الثالث : أن يكون معطوفا على علة محذوفة وقد حذف معلولها، التقدير : فعل اللّه ذلك ليسهل عليكم ولتكملوا، قاله الزجاج. الرابع : أن يكون الفعل المعلل مقدرا بعد التعليل، تقديره : ولأن تكملوا العدة رخص لكم هذه الرخصة، قال ابن عطية : وهذا قول بعض الكوفيين. الخامس : أن الواو زائدة، التقدير : يريد اللّه بكم اليسر لتكملوا العدة، وهذا قول ضعيف. السادس : أن يكون الفعل المعلل مقدرا بعد قوله وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وتقديره : شرع ذلك. قاله الزمخشري، قال ما نصه : شرع ذلك، يعني جملة ما ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر، وأمر المرخص له بمراعاة عدة ما أفطر فيه، ومن الترخيص في إباحة الفطر فقوله : لتكملوا، علة الأمر بمراعاة العدة، ولتكبروا علة ما علم من كيفية القضاء والخروج عن عهدة الفطر، ولعلكم تشكرون، علة الترخيص والتيسير.
وهذا نوع من اللف لطيف المسلك لا يكاد يهتدي إلى تبيينه إلّا النقاد المحذق من علماء البيان. انتهى كلامه.
والألف واللام في قوله : وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ الظاهر أنها للعهد، فيكون ذلك راجعا إلى قوله : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ أي : وليكمل من أفطر في مرضه أو سفره عدة الأيام التي أفطر فيها بأن يصوم مثلها، وقيل : عدة الهلال سواء كانت تسعة وعشرين يوما أم كان ثلاثين، فتكون العدة راجعة إذ ذاك إلى شهر رمضان المأمور بصومه.
وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ معطوف على : ولتكملوا العدة، والكلام في اللام


الصفحة التالية
Icon