البحر المحيط، ج ٢، ص : ٣٨٧
أي : إلى كليب، وقيل : هو معطوف على الضمير في قوله : وكفر به، أي :
وبالمسجد الحرام، قاله الفراء، ورد بأن هذا لا يجوز إلّا بإعادة الجار، وذلك على مذهب البصريين.
ونقول : العطف المضمر المجرور فيه مذاهب :
أحدها : أنه لا يجوز إلّا بإعادة الجار إلّا في الضرورة، فإنه يجوز بغير إعادة الجار فيها، وهذا مذهب جمهور البصريين.
الثاني : أنه يجوز ذلك في الكلام، وهو مذهب الكوفيين، ويونس، وأبي الحسن، والأستاذ أبي علي الشلوبين.
الثالث : أنه يجوز ذلك في الكلام إن أكد الضمير، وإلّا لم يجز في الكلام، نحو :
مررت بك نفسك وزيد، وهذا مذهب الجرمي.
والذي نختاره أنه يجوز ذلك في الكلام مطلقا، لأن السماع يعضده، والقياس يقويه.
أما السماع فما روي من قول العرب : ما فيها غيره وفرسه، بجر الفرس عطفا على الضمير في غيره، والتقدير : ما فيها غيره وغير فرسه، والقراءة الثانية في السبعة : تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ «١» أي : وبالأرحام، وتأويلها على غير العطف على الضمير، مما يخرج الكلام عن الفصاحة، فلا يلتفت إلى التأويل. قرأها كذلك ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والنخعي، ويحيى بن وثاب، والأعمش، وأبي رزين، وحمزة.
ومن ادعى اللحن فيها أو الغلط على حمزة فقد كذب، وقد ورد من ذلك في أشعار العرب كثير يخرج عن أن يجعل ذلك ضرورة، فمنه قول الشاعر :
نعلق في مثل السواري سيوفنا فما بينها والأرض غوط نفانف
وقال آخر :
هلا سألت بذي الجماجم عنهم وأبي نعيم ذي اللواء المحرق
وقال آخر :
بنا أبدا لا غيرنا يدرك المنى وتكشف غماء الخطوب الفوادح

_
(١) سورة النساء : ٤/ ١.


الصفحة التالية
Icon