البحر المحيط، ج ٢، ص : ٤٢١
وقرأ الحسن : والمغفرة، بالرفع على الابتداء، والخبر : قوله : بِإِذْنِهِ أي : والمغفرة حاصلة بتيسيره وتسويفه، وتقدم تفسير الأذن، وعلى قراءات الجمهور يكون بإذنه متعلقا بقوله : يدعو.
وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أي : يظهرها ويكشفها بحيث لا يحصل فيها التباس، أي أن هذا التبيين ليس مختصا بناس دون ناس، بل يظهر آياته لكل أحد رجاء أن يحصل بظهور الآيات تذكر واتعاظ، لأن الآية متى كانت جلية واضحة، كانت بصدد أن يحصل بها التذكر، فيحصل الامتثال لما دلت عليه تلك الآيات من موافقة الأمر، ومخالفة النهي. و : للناس، متعلق : بيبين، و : اللام، معناها الوصول والتبليغ، وهو أحد معانيها المذكورة في أول الفاتحة.
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ
في صحيح مسلم عن أنس أن اليهود كانت إذا حاضت امرأة منهم أخرجوها من البيت، ولم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في البيت، فسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.
وقيل : كانت العرب على ما جاء في هذا الحديث، فسأل أبو الدحداح عن ذلك، فقال : كيف نصنع بالنساء إذا حضن؟ فنزلت.
وقال مجاهد : كانوا يأتون الحيض استنوا سنة بني إسرائيل في تجنب مؤاكلة الحيض ومساكنتها، فنزلت.
وقيل : كانت النصارى يجامعون الحيض ولا يبالون بالحيض، واليهود يعتزلونهنّ في كل شيء، فأمر اللّه بالاقتصاد بين الأمرين.
وقيل : سأل أسيد بن حضير، وعباد بن بشير، عن المحيض فنزلت وقيل كانت اليهود تقول : من أتى امرأة من دبرها، جاء ولده أحول، فامتنع نساء الأنصار من ذلك، وسئل عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض، وما قالت اليهود، فنزلت.
والضمير في : ويسألونك، ضمير جمع، فالظاهر أن السائل عن ذلك هو ما يصدق عليه الجمع، لا اثنان ولا واحد، وجاء : ويسألونك، هنا وقبله في وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى وقبله وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ بالواو العاطفة على يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قيل : لأن السؤال عن الثلاثة في وقت واحد، فجيء بحرف الجمع لذلك، كأنه قيل : جمعوا لك بين السؤال عن الخمر والميسر، والسؤال عن كذا وكذا.


الصفحة التالية
Icon