البحر المحيط، ج ٢، ص : ٦٩٢
تعالى بلا شك، وقيل : يعود على الصرف، أي صرف الصدقات، ويحتمل أن يعول على الإخفاء أي : ويكفر إخفاء الصدقات ونسب التكفير إليه على سبيل المجاز لأنه سبب التكفير، ومن قرأ بالتاء فالضمير في الفعل للصدقات، ومن رفع الراء فيحتمل أن يكون الفعل خبر مبتدأ محذوف، أي : ونحن نكفر، أي : وهو يكفر، أي : اللّه. أو الإخفاء أي :
وهي تكفر أي : الصدقة.
ويحتمل أن يكون مستأنفا لا موضع له من الإعراب، وتكون الواو عطفت جملة كلام على جملة كلام، ويحتمل أن يكون معطوفا على محل ما بعد الفاء، إذ لو وقع مضارع بعدها لكان مرفوعا، كقوله : وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ «١» ومن جزم الراء فعلى مراعاة الجملة التي وقعت جزاء، إذ هي في موضع جزم، كقوله : مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ «٢».
ونذرهم، في قراءة من جزم : ونذرهم، ومن نصب الراء فبإضمار : أن، وهو عطف على مصدر متوهم، ونظيره قراءة من قرأ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ «٣» بنصب الراء، إلّا أنه هنا يعسر تقدير ذلك المصدر المتوهم من قوله : فهو خير لكم، فيحتاج إلى تكلف بخلاف قوله : يحاسبكم، فإنه يقدر تقع محاسبة فغفران.
وقال الزمخشري : ومعناه : وإن تخفوها يكن خيرا لكم، وأن نكفر عنكم. انتهى.
وظاهر كلامه هذا أن تقديره : وأن نكفر، يكون مقدّرا بمصدر، ويكون معطوفا على :
خيرا، خبر يكن التي قدرها كأنه قال : يكن الإخفاء خيرا لكم وتكفيرا، فيكون : أن يكفر في موضع نصب.
والذي تقرر عند البصريين أن هذا المصدر المنسبك من أن المضمرة مع الفعل المنصوب بها هو مرفوع معطوف على مصدر متوهم مرفوع، تقديره من المعنى، فإذا قلت :
ما تأتينا فتحدّثنا، فالتقدير : ما يكون منك إتيان فحديث، وكذلك إن تجيء وتحسن إلي أحسن إليك، التقدير إن يكن منك مجيء وإحسان أحسن إليك. وكذلك ما جاء بعد جواب الشرط. كالتقدير الذي قدّرناه في : يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ «٤»، في قراءة من نصب، فيغفر،
(١) سورة المائدة : ٥/ ٩٥.
(٢) سورة الأعراف : ٧/ ١٨٦.
(٣ - ٤) سورة البقرة : ٢/ ٢٨٤.