البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧٥٤
يدغم نحو مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ «١» والْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ «٢» ولَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ «٣» وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها «٤» فإن سكنت الراء أدغمها في اللام بلا خلاف عنه إلّا ما روى أحمد بن جبير بلا خلاف عنه، عن اليزيدي، عنه : أنه أظهرها، وذلك إذا قرأ بإظهار المثلين، والمتقاربين المتحركين لا غير، على أن المعمول في مذهبه بالوجهين جميعا على الإدغام نحو وَيَغْفِرْ لَكُمْ انتهى. وأجاز ذلك الكسائي والفراء وحكياه سماعا، ووافقهما على سماعه رواية وإجازة أبو جعفر الرواسي، وهو إمام من أئمة اللغة والعربية من الكوفيين، وقد وافقهم أبو عمرو على الإدغام رواية وإجازة، كما ذكرناه، وتابعه يعقوب كما ذكرناه، وذلك من رواية الوليد بن حسان. والإدغام وجه من القياس، ذكرناه في كتاب (التكميل لشرح التسهيل) من تأليفنا، وقد اعتمد بعض أصحابنا على أن ما روي عن القراء من الإدغام الذي منعه البصريون يكون ذلك إخفاء لا إدغاما، وذلك لا يجوز أن يعتقد في القراء أنهم غلطوا، وما ضبطوا، ولا فرقوا بين الإخفاء والإدغام، وعقد هذا الرجل بابا قال : هذا باب يذكر فيه ما أدغمت القراء مما ذكر أنه لا يجوز إدغامه، وهذا لا ينبغي، فإن لسان العرب ليس محصورا فيما نقله البصريون فقط، والقراآت لا تجيء على ما علمه البصريون ونقلوه، بل القراء من الكوفيين يكادون يكونون مثل قراء البصرة، وقد اتفق على نقل إدغام الراء في اللام كبير البصريين ورأسهم : أبو عمرو بن العلاء، ويعقوب الحضرمي. وكبراء أهل الكوفة :
الرواسي، والكسائي، والفراء، وأجازوه ورووه عن العرب، فوجب قبوله والرجوع فيه إلى علمهم ونقلهم، إذ من علم حجة على من لم يعلم.
وأما قول الزمخشري : إن راوي ذلك عن أبي عمرو مخطئ مرتين، فقد تبين أن ذلك صواب، والذي روى ذلك عنه الرواة، ومنهم : أبو محمد اليزيدي وهو إمام في النحو إمام في القراآت إمام في اللغات.
قال النقاش : يغفر لمن ينزع عنه، ويعذب من يشاء إن أقام عليه.
وقال الثوري : يغفر لمن يشاء العظيم، ويعذب من يشاء على الصغير.
وقد تعلق قوم بهذه الآية في جوازتكليف ما لا يطاق، وقالوا : كلفوا أمر الخواطر، وذلك مما لا يطاق.
(١) سورة يوسف : ١٢/ ٢١.
(٢) سورة الإنفطار : ٨٢/ ١٣، والمطففين : ٨٣/ ٢٢.
(٣) سورة فاطر : ٣٥/ ٢٩ و٣٠.
(٤) سورة النحل : ١٦/ ٨.