البحر المحيط، ج ٣، ص : ٢٢
مؤوّل، أو يحتمل من غير رجحان، فمشترك بالنسبة إليهما، ومجمل بالنسبة إلى كل واحد منهما. والقدر المشترك بين النص والظاهر هو المحكم، والمشترك بين المجمل والمؤوّل هو المتشابه، لأن عدم الفهم حاصل في القسمين.
قال ابن عباس، وابن مسعود، وقتادة، والربيع، والضحاك : المحكم الناسخ، والمتشابه المنسوخ. وقال مجاهد، وعكرمة : المحكم : ما بيّن تعالى حلاله وحرمه فلم تشتبه معانيه، والمتشابه : ما اشتبهت معانيه. وقال جعفر بن محمد، ومحمد بن جعفر بن الزبير، والشافعي : المحكم ما لا يحتمل إلّا وجها واحدا، والمتشابه ما احتمل من التأويل أوجها. وقال ابن زيد : المحكم : ما لم تتكرر ألفاظه، والمتشابه : ما تكررت. وقال جابر بن عبد اللّه، وابن دئاب، وهو مقتضى قول الشعبي والثوري وغيرهما : المحكم ما فهم العلماء تفسيره، والمتشابه ما استأثر اللّه بعلمه : كقيام الساعة، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج عيسى.
وقال أبو عثمان : المحكم، الفاتحة. وقال محمد بن الفضل : سورة الإخلاص، لأن ليس فيها إلّا التوحيد فقط. وقال محمد بن إسحاق : المحكمات ما ليس لها تصريف ولا تحريف. وقال مقاتل : المحكمات خمسمائة آية، لأنها تبسط معانيها، فكانت أمّ فروع قيست عليها وتولدت منها، كالأم يحدث منها الولد، ولذلك سماها : أم الكتاب، والمتشابه : القصص والأمثال.
وقال يحيى بن يعمر : المحكم الفرائض، والوعد والوعيد والمتشابه : القصص والأمثال. وقيل : المحكم ما قام بنفسه ولم يحتج إلى استدلال. والمتشابه ما كان معاني أحكامه غير معقولة، كأعداد الصلوات، واختصاص الصوم بشهر رمضان دون شعبان.
وقيل : المحكم ما تقرر من القصص بلفظ واحد، والمتشابه ما اختلف لفظه، كقوله : فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى «١» فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ «٢» وقُلْنَا احْمِلْ «٣» وفَاسْلُكْ «٤».
وقال أبو فاختة : المحكمات فواتح السور المستخرج منها السور : كألم والمر.
وقيل : المتشابه فواتح السور، بعكس الأول. وقيل : المحكمات : التي في سورة الأنعام إلى آخر الآيات الثلاث، والمتشابهات : آلم والمر، وما اشتبه على اليهود من هذه

_
(١) سورة طه : ٢٠/ ٢٠.
(٢) سورة الأعراف : ٧/ ١٠٧ والشعراء : ٢٦/ ٣٢.
(٣) سورة هود : ١١/ ٤٠.
(٤) سورة المؤمنون : ٢٣/ ٢٧.


الصفحة التالية
Icon