البحر المحيط، ج ٨، ص : ٤٢٢
المراد بكلمات اللّه : معلوماته. وقال الزمخشري : فإن قلت : الكلمات جمع قلة، والمواضع مواضع التكثير لا التقليل، فهلا قيل : كلم اللّه؟ قلت : معناه أن كلماته لا تفي بكتبها البحار، فكيف بكلمة؟ انتهى. وعلى تسليم أن كلمات جمع قلة، فجموع القلة إذا تعرفت بالألف واللام غير العهدية، أو أضيفت، عمت وصارت لا تخص القليل، والعام مستغرق لجميع الأفراد. إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ : كامل القدرة، فمقدوراته لا نهاية لها.
حَكِيمٌ : كامل العلم، فمعلوماته لا نهاية لها. ولما ذكر تعالى كمال قدرته وعلمه، ذكر ما يبطل استبعادهم للحشر. إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ : إلا كخلق نفس واحدة وبعثها، ومن لا نفاد لكلماته يقول للموتى : كونوا فيكونون، فالقليل والكثير، والواحد والجمع، لا يتفاوت في قدرته. وقال النقاش : هذه الآية في أبيّ بن خلف، وأبي الأسد، ونبيه ومنبه ابني الحجاج، قالوا : يا محمد : إنا نرى الطفل يخلق بتدريج، وأنت تقول : اللّه يعيدنا دفعة واحدة، فنزلت.
إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ : سميع كل صوت، بصير كل مبصر في حالة واحدة، لا يشغله إدراك بعضها عن بعض، فكذلك الخلق والبعث.
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ، ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ، وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ، يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ، إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.
يُولِجُ اللَّيْلَ : الجملتين شرحت في آل عمران وهنا. إِلى أَجَلٍ، ويدل على الانتهاء، أي : يبلغه وينتهي إليه. وفي الزمر : لِأَجَلٍ «١»، ويدل على الاختصاص بجعل الجري مختصا بإدراك أجل مسمى، وجري الشمس مختص بآخر السنة، وجري القمر بآخر الشهر فكلا المعنيين متناسب لجريهما، فلذلك عدى بهما. وقرأ عياش، عن أبي عمرو : بما يعملون، بياء الغيبة. ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ الآية، تقدم شرحها في الحج وهنا.