البحر المحيط، ج ٨، ص : ٤٦١
لمن أراد سوءا. وقال الزجاج : عور المكان يعور عورا وعورة فهو عور، وبيوت عورة. وقال الفراء : أعور المنزل : بدا منه عورة، وأعور الفارس : كان فيه موضع خلل للضرب والطعن. قال الشاعر :
متى تلقهم لم تلق في البيت معورا ولا الضيف مسحورا ولا الجار مرسلا
قال الكلبي : عَوْرَةٌ : خالية من الرجال ضائعة. وقال قتادة : قاصية، يخشى عليها العدو. وقال السدي : قصيرة الحيطان، يخاف عليها السراق. وقال الليث : العورة : سوءة الإنسان، وكل أمر يستحيا منه فهو عورة، يقال : عورة في التذكير والتأنيث، والجمع كالمصدر. وقال ابن عباس : قالت اليهود لعبد اللّه ابن أبي ابن سلول وأصحابه من المنافقين : ما الذي يحملكم على قتل أنفسكم بيد أبي سفيان وأصحابه؟ فارجعوا إلى المدينة فأنتم آمنون. إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً : من الدين، وقيل : من القتل. وقال الضحاك : ورجع ثمانون رجلا من غير إذن للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم. والضمير في : دُخِلَتْ، الظاهر عوده على البيوت، إذ هو أقرب مذكور. قيل : أو على المدينة، أي ولو دخلها الأحزاب الذين يفرون خوفا منها والثالث على أهاليهم وأولادهم. ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ : أي الردة والرجوع إلى إظهار الكفر ومقاتلة المسلمين. لَآتَوْها : أي لجاءوا إليها وفعلوا على قراءة القصر، وهي قراءة نافع وابن كثير. وقرأ باقي السبعة : لآتوها بالمد، أي لأعطوها.
وَما تَلَبَّثُوا بِها : وما لبثوا بالمدينة بعد ارتدادهم إِلَّا يَسِيراً، فإن اللّه يهلكهم ويخرجهم بالمؤمنين. قال ابن عطية : ولو دخلت المدينة من أقطارها، واشتد الحرب الحقيقي، ثم سئلوا الفتنة والحرب لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم، لطاروا إليها وأتوها مجيبين فيها، ولم يتلبثوا في بيوتهم لحفظها إلا يسيرا، قيل : قدر ما يأخذون سلاحهم. انتهى. وقرأ الجمهور : سئلوا، وقرأ الحسن : سولوا، بواو ساكنة بعد السين المضمومة، قالوا : وهي من سال يسال، كخاف يخاف، لغة من سأل المهموز العين. وحكى أبو زيد : هما يتساولان.
انتهى. ويجوز أن يكون أصلها الهمز، لأنه يجوز أن يكون سولوا على قول من يقول في ضرب ضرب، ثم سهل الهمزة بإبدالها واوا على قول من قال في بؤس بوس، بإبدال الهمزة واوا لضمة ما قبلها. وقرأ عبد الوارث، عن أبي عمرو والأعمش : سيلوا، بكسر السين من غير همز، نحو : قيل. وقرأ مجاهد : سوئلوا، بواو بعد السين المضمومة وياء مكسورة بدلا من الهمزة.
وقال الضحاك : ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ : أي القتال في العصبية، لأسرعوا إليه. وقال


الصفحة التالية
Icon