البحر المحيط، ج ٨، ص : ٤٩٧
روي من حديث عيينة بن حصن أنه قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، حين دخل عليه بغير استئذان، وعنده عائشة. من هذه الحميراء؟ فقال :«عائشة»، فقال عيينة : يا رسول اللّه، إن شئت نزلت لك عن سيدة نساء العرب جمالا ونسبا
فليس بتبديل، ولا أراد ذلك، وإنما احتقر عائشة لأنها كانت صبية. ومن في مِنْ أَزْواجٍ زائدة لتأكيد النفي، وفائدته استغراق جنس الأزواج بالتحريم. وقيل : الآية منسوخة، واختلف في الناسخ فقيل : بالسنة.
قالت عائشة : ما مات حتى حل له النساء. وروي ذلك عن أم سلمة، وهو قول علي وابن عباس والضحاك
، وقيل بالقرآن، وهو قوله : تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ الآية. قال هبة اللّه الضرير :
في الناسخ والمنسوخ له، وقال : ليس في كتاب اللّه ناسخ تقدم المنسوخ سوى هذا. قال ابن عطية : وكلامه يضعف من جهات. انتهى. وقيل : قوله إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ الآية، فترتيب النزول ليس على ترتيب كتابة المصحف. وقد روي عن ابن عباس القولان :
إنها محكمة، وإنها منسوخة.
وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ، قيل : منهن أسماء بنت عميس الخثعمية، امرأة جعفر بن أبي طالب. والجملة، قال الزمخشري، في موضع الحال من الفاعل، وهو الضمير في تَبَدَّلَ، لا من المفعول الذي هو مِنْ أَزْواجٍ، لأنه موغل في التنكير، وتقديره :
مفروضا إعجابك لهن وتقدم لنا في مثل هذا التركيب أنه معطوف على حال محذوفة، أي وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ على كل حال، ولو في هذه الحال التي تقتضي التبدل، وهي حالة الإعجاب بالحسن. قال ابن عطية : وفي هذا اللفظ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ، دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها. انتهى. وقد جاء ذلك في السنة من حديث المغيرة بن شعبة، وحديث محمد بن مسلمة.
إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ : أي فإنه يحل لك. وأما إن كانت موصولة واقعة على الجنس، فهو استثناء من الجنس، يختار فيه الرفع على البدل من النساء. ويجوز النصب على الاستثناء، وإن كانت مصدرية، ففي موضع نصب، لأنه استثناء من غير جنس الأول، قاله ابن عطية، وليس بجيد، لأنه قال : والتقدير : إلا ملك اليمين، وملك بمعنى :
مملوك، فإذا كان بمعنى مملوك صار من جملة النساء لأنه لم يرد حقيقة المصدر، فيكون الرفع هو أرجح، ولأنه قال : وهو في موضع نصب، ولا يتحتم أن يكون في موضع نصب.
ولو فرضنا أنه من غير الجنس حقيقة، بل الحجاز تنصب وتميم تبدل، لأنه مستثنى، يمكن توجه العامل عليه، وإنما يكون النصب متحتما حيث كان المستثنى لا يمكن توجه العامل